وأما استصحاب الكلي: فلا ينبغي الاشكال في جريانه، لوجود المقتضي وفقد المانع.
أما وجود المقتضي: فلانه لا يعتبر في الاستصحاب أزيد من تحقق ركنيه:
من وجود المتيقن والشك في بقائه، وقد تقدم أن العلم بوجود الفرد يلازم العلم بوجود الكلي، فاليقين بحدوث أحد الفردين لا على التعيين يلازم اليقين بحدوث القدر المشترك بينهما، والعلم بارتفاع أحد فردي الترديد يوجب الشك في بقاء القدر المشترك، لاحتمال أن يكون الحادث هو الفرد الباقي الذي يلازم بقائه بقاء الكلي في ضمنه، فقد تحقق ركنا الاستصحاب.
وتوهم: أن اليقين لم يتعلق بحدوث الكلي من حيث هو وإنما تعلق اليقين بحدوث حصة من الكلي متخصصة بخصوصية خاصة، وتلك الحصة أمرها يدور بين ما هي مقطوعة الارتفاع إن كانت متخصصة بخصوصية الفرد الزائل وبين ما هي مقطوعة البقاء إن كانت متخصصة بخصوصية الفرد الباقي، وحيث إنه يشك في حدوث الفرد الباقي فيشك في حدوث الحصة المتخصصة به، فيكون حال الكلي الموجود في ضمن الفرد المردد حال نفس الفرد، وكما لا يجري استصحاب الفرد المردد لأنه بين ما هو مقطوع الارتفاع وبين ما هو مشكوك الحدوث، كذلك لا يجري استصحاب الكلي الموجود في ضمنه، لتردده أيضا بين ما هو مقطوع الارتفاع وما هو مشكوك الحدوث فاسد، فان وجود الكلي وإن كان بوجود الفرد وزواله بزواله، إلا أنه ليس الكلي مما ينتزع عن الفرد، بل هو متأصل في الوجود، على ما هو الحق: من وجود الكلي الطبيعي (1) من غير فرق في ذلك بين الأمور العينية التكوينية