وتحقيق ذلك يستدعي تمهيد مقدمة وهي: أنه قد اختلفت كلمات الأصحاب في معنى الجزء الركني وما هو المايز بينه وبين غيره.
فقيل: إن الجزء الركني هو ما أوجب الاخلال به سهوا بطلان العمل من دون أن توجب زيادته ذلك.
وقيل: إن الجزء الركني هو ما أوجب كل من الاخلال به وزيادته سهوا بطلان العمل.
فعلى التفسير الأول: يختص الفرق بين الجزء الركني وغيره في طرف النقيصة فقط، فان نقص الجزء الركني ولو سهوا يقتضي البطلان ونقص غيره سهوا لا يقتضي البطلان. وأما في طرف الزيادة فلا فرق يبنهما، لان زيادة كل من الجزء الركني وغيره لا يوجب البطلان.
وعلى التفسير الثاني: يحصل الفرق بينهما في كل من طرف الزيادة والنقيصة، كما لا يخفى.
وهذا بعد الاتفاق منهم على أن الاخلال بالجزء عمدا يوجب البطلان، وليس ذلك من لوازم ركنية الجزء، بل هو من لوازم نفس الجزئية، فان الاخلال العمدي بالجزء لو لم يقتض البطلان يلزم عدم كونه جزء، فبطلان العمل بالاخلال العمدي بالجزء لا يلازم ركنيته.
وأما بطلان العمل بزيادة الجزء عمدا فهو مما لا تقتضيه الجزئية، بل الزيادة العمدية كالزيادة السهوية تجتمع مع صحة العمل ثبوتا، إلا إذا اعتبر الجزء بشرط لا، فزيادته أيضا تقتضي البطلان، إلا أن ذلك في الحقيقة يرجع إلى الاخلال بالجزء، لا إلى الزيادة، كما سيأتي (إن شاء الله تعالى) بيانه.
فتحصل مما ذكرنا: أن نقصان الجزء عمدا لا يجتمع مع صحة العمل ثبوتا، وأما نقصان الجزء سهوا فهو يجتمع مع الصحة. كما أن زيادة الجزء عمدا أو سهوا تجتمع مع الصحة.