الأطراف هو عدم شمول الدليل لها لأنه يلزم أن يناقض صدر الدليل ذيله، لا يخلو عن إشكال، بل منع، وقد تقدم منا الكلام في تفصيل ذلك في مبحث الاشتغال. والغرض من إعادته دفع ما ربما يناقش فيما ذكرناه - من عدم جريان الأصول المحرزة في أطراف العلم الاجمالي مطلقا وإن لم يلزم منها مخالفة عملية - بأنه يلزم على هذا عدم جواز التفكيك بين المتلازمين الشرعيين، كطهارة البدن وبقاء الحدث عند الوضوء بمايع مردد بين البول والماء، لان استصحاب بقاء الحدث وطهارة البدن ينافي العلم الوجداني بعدم بقاء الواقع في أحدهما، لأنه إن كان المايع ماء فقد ارتفع الحدث وإن كان بولا فقد تنجس البدن، فالتعبد بالجمع بينهما لا يمكن. بل يلزم عدم جواز التفكيك بين المتلازمين العقليين أو العاديين، فان استصحاب حياة زيد وعدم نبات لحيته ينافي العلم بعدم الواقع في أحدهما، لما بين الحياة والنبات من الملازمة، وكذا التعبد ببقاء الكلي وعدم حدوث الفرد ونحو ذلك من الأمثلة التي تقتضي الأصول العملية فيها التفكيك بين المتلازمين. والالتزام بعدم جريان الاستصحابين إذا أوجبا التفكيك بين المتلازمين الشرعيين أو العقليين والعاديين بعيد غايته، بل لا يمكن الالتزام به، فان ثمرة القول بعدم حجية الأصل المثبت إنما تظهر في التفكيك بين المتلازمين، فدعوى: عدم جريان الأصول المحرزة إذا استلزم منها التفكيك بين المتلازمين، تنافي القول بعدم حجية الأصل المثبت.
هذا، والتحقيق في دفع الشبهة هو أن يقال:
إنه تارة: يلزم من التعبد بمؤدى الأصلين العلم التفصيلي بكذب ما يؤديان إليه، لأنهما يتفقان على نفي ما يعلم تفصيلا ثبوته أو على ثبوت ما يعلم تفصيلا نفيه، كما في استصحاب نجاسة الانائين أو طهارتهما مع العلم بطهارة أحدهما أو نجاسته، فان الاستصحابين يتوافقان في نفي ما يعلم تفصيلا من طهارة أحدهما أو نجاسته.