أوضح، فان مؤدى أصالة الطهارة والحل والحرمة ليس إلا البناء على طهارة الشئ وحليته وحرمته مع الشك فيها، وهذا المعنى لا يمكن استصحابه، فإنه إن أريد استصحاب الطهارة والحلية والحرمة الواقعية فهي ليست مؤدى هذه الأصول، لأنها لا تثبت المؤدى واقعا. وإن أريد استصحاب الطهارة الظاهرية فموضوعها نفس الشك في الطهارة ولا يمكن استصحاب الأثر المترتب على نفس الشك، فإنه لا معنى لاحراز ما هو محرز بالوجدان أو بالتعبد. وإن شئت قلت أيضا: إنه في كل زمان يشك في الطهارة والحلية والحرمة فأصالة الطهارة والحل والحرمة تجري ولا تصل النوبة إلى استصحابها، وهذا لا ينافي حكومة الاستصحاب على هذه الأصول، فان حكومة الاستصحاب فرع جريانه، والمدعى في المقام أنه لا يجري لأنه لا أثر له.
هذا، ولكن مع ذلك يمكن أن يقال: بجريان الاستصحاب في مؤديات الأصول كجريانه في مؤديات الطرق والامارات، بتقريب: أن الاستصحاب إنما هو الحكم بعدم انتقاض ما ثبت بالشك في بقائه، سواء كان ثبوته بالعلم أو بالامارة أو بالأصل.
وعلى كل حال: لو فرض أنه منعنا عن جريان الاستصحاب في مؤديات الأصول، فليس ذلك لأجل عدم اليقين بثبوت المستصحب، لما عرفت: من أن المراد من " اليقين " هو مطلق الاحراز، بل مطلق ما يوجب التنجيز والمعذورية، سواء كان الموجب لذلك هو العلم الوجداني أو الامارة أو الأصل، لاشتراك الجميع في أنها توجب الاحراز وتقتضي التنجيز والمعذورية، فالمنع عن جريان الاستصحاب في مؤديات الأصول إنما هو لجهة أخرى غير جهة عدم اليقين بثبوت المستصحب، فلو استشكل في جريان الاستصحاب في مؤديات الأصول، فلا ينبغي الاشكال في جريانه في مؤديات الطرق والامارات، لان ثبوت الشئ بالامارة كثبوته بالعلم قابل للتعبد ببقائه عند الشك، فيندرج في قوله