نفس الاحراز والوسطية في الاثبات، وبتوسطه يلزم تطبيق العمل على المؤدى.
نعم: المجعول في باب الأصول العملية مطلقا هو مجرد تطبيق العمل على مؤدى الأصل، إذ ليس في الأصول العملية ما يقتضي الكشف والاحراز، وليست هي طريقا إلى المؤدى، بل إنما تكون وظائف تعبدية للمتحير والشاك لا تقتضي أزيد من تطبيق العمل على المؤدى، سواء كان الأصل من الأصول المحرزة أو كان من الأصول الغير المحرزة، فإنه ليس معنى الأصل المحرز كونه طريقا إلى المؤدى، بل معناه هو البناء العملي على أحد طرفي الشك على أنه هو الواقع وإلغاء الطرف الآخر (1) فالمجعول في الأصل المحرز هو الجهة الثالثة من العلم الطريقي، وهي الحركة والجري العملي نحو المعلوم، فالاحراز في باب الأصول المحرزة غير الاحراز في باب الامارات، فان الاحراز في باب الامارات هو إحراز الواقع مع قطع النظر عن مقام العمل، وأما الاحراز في باب الأصول المحرزة: فهو الاحراز العملي في مقام تطبيق العمل على المؤدى، فالفرق بين الاحرازين مما لا يكاد يخفى.
وأما الأصول الغير المحرزة: فالمجعول فيها مجرد تطبيق العمل على أحد طرفي الشك من دون البناء على أنه هو الواقع، فهو لا يقتضي أزيد من تنجيز الواقع عند المصادفة والمعذورية عند المخالفة، وهو الذي كان يقتضيه العلم من الجهة الرابعة.
لا أقول: إن المجعول في باب الأصول الغير المحرزة نفس التنجيز والمعذورية، فان ذلك واضح الفاسد كما تقدم، بل المجعول فيها معنى لا يقتضي أزيد من التنجيز والمعذورية، بالبيان المتقدم في باب جعل الطرق والامارات.
فتحصل: أن الأصول العملية كلها وظايف للمتحير في مقام العمل، والتعبد