فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٧٢٠
يكون بمعونة التبعد بأحدهما، والخاص القطعي السند والدلالة لا يحتاج إلى التعبد، لأنه يعلم بصدوره وإرادة مؤداه، والعلم لا تناله يد التعبد. وعلى كل حال: لا إشكال في تقدم الخاص على العام إذا كان قطعي السند والدلالة.
وإن كان ظني السند والدلالة أو كان قطعي السند وظني الدلالة: فظاهر إطلاق كلام الشيخ (قدس سره) هو عدم تخصيص العام به، بل يعمل بأقوى الظهورين: ظهور العام في العموم وظهور الخاص في التخصيص.
ولكن الأقوى: وجوب الاخذ بظهور الخاص وتخصيص العام به ولو كان ظهوره أضعف من ظهور العام (1) فان أصالة الظهور في طرف الخاص تكون حاكمة على أصالة الظهور في طرف العام، لان الخاص يكون بمنزلة القرينة على التصرف في العام، كما يتضح ذلك بفرض وقوع العام والخاص في مجلس واحد من متكلم واحد، فإنه لا يكاد يشك في كون الخاص قرينة على التصرف في العام، كما لا ينبغي الشك في حكومة أصالة الظهور في القرينة على أصالة الظهور

(1) أقول: لا إشكال في تقدم ما سيقت للقرينية على التصرف في غيره، ولا يلاحظ فيه الأظهرية.
ولكن عمدة الكلام في هذا المعنى، إذ مرجع سوقه قرينة على التصرف في الغير إلى سوقه لبيان حال الغير، ولا يكون إلا بكونه ناظرا إلى شرح الغير، وهو ليس إلا شأن الحاكم. واما المخصص - حسب اعترافه سابقا - لا يكون له مثل هذا النظر ابدا، وإنما مفاده حكم آخر مضاد مع حكم غيره في فرد خاص أو مناقض، ففي هذه الصورة لا مجال لدعوى سوقه للقرينة على شرح غيره، بل كان معارضا مع غيره محضا، وفي مثله لا محيص من الترجيح بالأقوى، فيجري على الأقوى حكم القرينة، لا انه حقيقة قرينة، فاجراء حكم القرينة على الخاص حينئذ فرع أقوائيته، وإلا فلو كان العام في دلالته على المورد أقوى - ولو من جهة إبائه عن التخصيص - يجري على العام حكم القرينة على التصرف في الخاص مثلا.
ولعمري! إن ما أفيد في المقام من غرائب الكلام، وأغرب منه استشهاده بتقديم " يرمي " على " الأسد " إذ مجرد وضعية الدلالة لا يقتضي الأقوائية بعد انصراف " يرمي " إلى الرمي بالنبال الغير المناسب للحيوان. واما بناء الأصحاب على تقديم الخاص: فإنما هو من جهة أظهرية الخاص عن العام، فلو وجد مورد يكون العام بملاحظة بعض الخصوصيات آبيا عن التخصيص اي شخص يقدم الخاص عليه لمحض كونه خاصا! كما لا يخفى.
(٧٢٠)
مفاتيح البحث: الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 715 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 ... » »»
الفهرست