ولكن الانصاف: أن الاحتمال الثاني لو لم يكن أقرب من الاحتمال الثالث فلا أقل من أن يكون مساويا له، فانا نرى أن كثيرا من المخصصات المنفصلة المروية من طرقنا من الأئمة - عليهم السلام - مروية عن العامة بطرقهم عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيكشف ذلك عن اختفاء المخصصات المتصلة علينا، فلا وجه لاستحالة الوجه الثاني أو استبعاده، بل يمكن أن يقال:
باستحالة الوجه الثالث، فإنه إن كانت مصلحة الحكم الواقعي الذي يكون مفاد المخصصات المنفصلة تامة فلابد من إظهاره والتكليف به (1) وإن لم تكن تامة - ولو بحسب مقتضيات الزمان حيث يكون للزمان دخل في ملاك الحكم - فلا يمكن ثبوت الحكم الواقعي حتى يكون مفاد العام حكما ظاهريا، بل يكون الحكم الواقعي هو مفاد العام إلى زمان ورود الخاص، ولا محالة يكون الخاص ناسخا لا مخصصا، ففي الحقيقة الاحتمال الثالث يرجع إلى الاحتمال الأول وهو النسخ. وقد عرفت: أنه لا يمكن الالتزام به، فلا أقرب من الاحتمال الثاني، فتأمل جيدا.
وعلى كل حال: لو تردد الخاص بين أن يكون مخصصا أو ناسخا، فقيل:
بتقديم التخصيص لكثرته وشيوعه، حتى قيل: " ما من عام إلا وقد خص ".