ومما ذكرنا ظهر الوجه فيما أفاده الشيخ - قدس سره - من أن العلم الاجمالي يكون علة تامة لحرمة المخالفة القطعية ومقتضيا لوجوب الموافقة القطعية فان عليته لحرمة المخالفة القطعية إنما هي لأجل عدم جواز الاذن فيها، بخلاف الموافقة القطعية، فإنه يجوز الاذن بتركها بالترخيص في البعض، فدعوى التلازم بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية وأن العلم الاجمالي إما أن يكون علة لهما معا وإما أن لا يكون علة لهما، في غاية الضعف (1) لما عرفت: من أن العلم الاجمالي لا يزيد على العلم التفصيلي، فكيف يكون العلم الاجمالي علة تامة لوجوب موافقته القطعية مع أن العلم التفصيلي لا يكون علة تامة له؟!
نعم يصح أن يقال: إن العلم الاجمالي كالعلم التفصيلي يكون علة تامة لوجوب الموافقة القطعية بتعميم الموافقة القطعية إلى الوجدانية والتعبدية لا خصوص الوجدانية. وذلك كله واضح لا يهمنا إطالة الكلام فيه، وإنما المهم بيان ما يوجب الترخيص الواقعي أو الظاهري في بعض الأطراف دون الآخر.
أما الترخيص الواقعي: فموجبه حدوث أحد الأسباب الرافعة للتكليف واقعا من اضطرار ونحوه، وسيأتي البحث عنه في بعض التنبيهات.
وأما الترخيص الظاهري: فينحصر موجبه بما إذا كان في بعض الأطراف أصل ناف للتكليف غير معارض بمثله: وذلك إنما يكون بقيام ما يوجب ثبوت