كان فيما بأيدينا من الكتب طريق موافق أو مخالف.
وأما لو ترك الفحص وخالف عمله الواقع ولم يكن عليه طريق منصوب يمكن العثور عليه بالفحص لا موافق ولا مخالف، في استحقاقه للعقاب إشكال، من مخالفة العمل للواقع، ومن قبح العقاب على مالا يمكن الوصول إليه ولا إلى طريقه. والأقوى استحقاقه للعقاب، لان العلم الاجمالي بالأحكام الثابتة في الشريعة يوجب تنجز تلك الأحكام على ما هي عليها، إلا أن ينحل العلم الاجمالي بالفحص والعلم بمقدار من الاحكام يمكن انطباق المعلوم بالاجمال عليه، ومع الفحص يلزمه الاحتياط بفعل كل ما يحتمل وجوبه وترك كل ما يحتمل حرمته، فلا قبح في عقاب التارك للاحتياط والفحص معا، فتأمل.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن العقاب وعدمه يدور مدار مخالفة الواقع وموافقته، لا مخالفة الطريق وموافقته، ولا مخالفة أحد ما وموافقته، وبذلك يظهر ضعف الوجوه التي ذكرها الشيخ - قدس سره - في المقام، فراجع.
- الامر الثاني - قد تبين مما سبق الملازمة بين استحقاق العقاب وبطلان العمل، وكذا الملازمة بين صحة العمل وعدم استحقاق العقاب، بناء على ما هو المشهور والمختار: من أن ترك التعلم بما هو لا يوجب العقوبة. وقد استثنى الأصحاب من هذه الملازمة موردين، وأجمعوا فيهما على صحة العمل المأتي به حال الجهل مع استحقاق الجاهل للعقاب.
أحدهما: الجهر بالقراء في موضوع وجوب الاخفات وبالعكس جهلا بالحكم.