وقد أطال الشيخ - قدس سره - الكلام في حديث " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي " (1) مع أنه لا يحتاج إلى هذا التطويل، فان المراد من قوله عليه السلام " حتى يرد فيه نهي " إن كان هو الورود من قبل الله (تعالى) بالوحي إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان مفاد الحديث مفاد سائر العمومات الاجتهادية، نظير قوله تعالى: " وأحل لكم ما في الأرض جميعا " (2) فيكون أجنبيا عن أدلة أصالة البراءة، بل ينبغي عده من أدلة أصالة الإباحة ردا على من قال بأصالة الحظر قبل الشرع. وإن كان المراد من " الورود " الوصول والعلم بالنهي كان المراد من " الشئ " الشئ المشكوك، فيكون مفاده مفاد سائر أدلة البراءة ولا خصوصية للحديث المبارك، وقد عرفت: أن الاستصحاب باعتبار إحرازه يكون رافعا لموضوعها. وقد تكرر منا الكلام في تفصيل ذلك (3).
- الامر السادس - في تعارض الاستصحابين.
وتفصيل الكلام في ذلك: هو أن الشك في بقاء أحد المستصحبين إما يكون مسببا عن الشك في بقاء المستصحب الآخر وإما أن يكون الشك في بقاء كل من المستصحبين مسببا عن أمر ثالث، ولا يمكن أن يكون الشك في كل منهما مسببا عن الآخر، فإنه لا يعقل أن تكون علة الشئ معلوله.
وما قيل: من أن الشك في عموم كل من العامين من وجه مسبب عن