باب النهي عن العبادة وكما في باب اجتماع الأمر والنهي بناء على الامتناع وتغليب جانب النهي، فإنه يكون من صغريات النهي عن العبادة على أحد الوجهين في تحرير المسألة - كما سيأتي الإشارة إليهما - ولا إشكال في دخول المانعية المنتزعة من النواهي الغيرية في محل النزاع، كدخول الجزئية والشرطية فيه.
وأما المانعية المنتزعة من النواهي النفسية: ففي دخولها في محل النزاع إشكال، ينشأ من أن السبب الموجب لمانعية متعلق النهي هل هو نفس النهي؟
أو ملاكه؟ فعلى الأول: تخرج المانعية المنتزعة من النهي النفسي عن حريم النزاع في المقام، وعلى الثاني تدخل فيه.
وتوضيح ذلك: هو أن النهي النفسي الذي يقتضي المانعية إما أن يكون هو النهي في باب النهي عن العبادة كالنهي عن الصلاة في الحرير - بناء على أن تكون مانعية الحرير لمكان حرمة لبسه - وإما أن يكون هو النهي في باب اجتماع الأمر والنهي.
فان كان الأول، فتارة: تكون المانعية مسببة عن نفس النهي المتعلق بالحرير ومعلولة لحرمة لبسه. وأخرى: تكون مسببة عن ملاك النهي ومعلولة للمفسدة التي أوجبت حرمة لبس الحرير، فيكون النهي والمانعية معلولي علة ثالثة.
فعلى الأول: تدور المانعية مدار وجود النهي وتسقط بسقوطه لا محال، لأنه لا يعقل بقاء المعلول مع زوال علته، فلو اضطر إلى لبس الحرير أو أكره عليه أو نحو ذلك من الأسباب التي توجب رفع النهي عن لبس الحرير، فالمانعية أيضا ترتفع بتبع رفعه وتصح الصلاة فيه، وعلى هذا تخرج المانعية المنتزعة من النهي عن العبادة عن حريم النزاع، فان المانعية إنما كانت لأجل أن النهي عن الشئ لا يجتمع مع الامر به، لما بينهما من المضادة، فلابد من تقييد الامر بالصلاة مثلا بما عدا مورد النهي، فإذا ارتفع النهي بأحد موجباته يبقى إطلاق الامر بالصلاة على حاله كأن لم يكن في البين نهي من أول الامر، فلا موجب لتوهم سقوط