أما المقام الأول:
فالكلام فيه يقع من جهتين:
الأولى: في حرمة المخالفة القطعية.
الثانية: في وجوب الموافقة القطعية.
أما الجهة الأولى:
فالأقوى فيها حرمة المخالفة القطعية، ويتضح وجهه بالتنبيه على أمر قد تقدم بيانه في مبحث القطع والظن، وهو أن الاحكام الظاهرية المجعولة في باب الطرق والامارات والأصول بعد اشتراكها في أخذ الشك في مؤدياتها إما موضوعا كما في الأصول وإما موردا كما في الامارات، تمتاز بعضها عن بعض باعتبار اختلاف ما هو المجعول فيها، فان المجعول في باب الامارات هو نفس الطريقية والوسطية في الاثبات، والمجعول في باب الأصول التنزيلية هو البناء العملي على أحد طرفي الشك على أنه هو الواقع وإلغاء الطرف الآخر، والمجعول في باب الأصول الغير التنزيلية هو مجرد الجري العملي وتطبيق العمل على أحد طرفي الشك لا على أنه هو الواقع.
وقد تقدم تفصيل ذلك كله في مبحث الظن عند الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي. والغرض من إعادته جرد التنبيه عليه لتكون على ذكر منه حيث إنه ينفعك في المقام.
وبعد ذلك نقول: إن الأصول العملية تختلف من حيث الجريان وعدم الجريان في أطراف العلم الاجمالي حسب اختلاف المجعول فيها وحسب اختلاف المعلوم بالاجمال.
وتوضيح ذلك: هو أن العلم الاجمالي عبارة عن خلط علم بجهل، وتنحل القضية المعلومة بالاجمال إلى قضية معلومة بالتفصيل على سبيل منع الخلو في