والحاصل: أن مجرد عدم صحة الجمع في إجراء الأصلين المتعارضين لا يوجب الحكم بالتخيير بينهما، فان الحكم التخييري كسائر الاحكام يحتاج إلى قيام الدليل عليه. وقياس باب الأصول العملية بباب الامارات على القول بالسببية فيها ليس في محله، لما عرفت من أن التخيير في العمل بإحدى الامارتين المتعارضتين على ذلك القول إنما هو لأجل أن المجعول في الامارات يقتضي التخيير في صورة التعارض لاندراجها في باب التزاحم الذي قد عرفت أن التخيير فيه ينشأ من ناحية المجعول، بالبيان المتقدم، وأين هذا من باب الأصول العملية المجعولة وظيفة للشاك في الحكم أو الموضوع؟.
فظهر: أن القول بالتخيير في إجراء أحد الأصلين المتعارضين مما لا دليل عليه، وإنما أطلنا الكلام في ذلك، لان شبهة التخيير قد غرست في أذهان بعض طلبة العصر، وبعد البيان المتقدم لا أظن بقاء الشبهة في الأذهان (1) وسيأتي في آخر الاستصحاب مزيد توضيح لذلك.
فتحصل مما ذكرنا: أن القاعدة في مورد تعارض الأصول تقتضي السقوط، ويبقى التكليف المنجز المعلوم بالاجمال على حاله (2) والعقل يستقل بوجوب