ويتفرع على ذلك عدم جريان استصحاب النجاسة في الدم المردد بين كونه من المسفوح أو من المتخلف، أو الدم المردد بين كونه من البق أو من البدن - بناء على نجاسة الدم مطلقا ولو قبل خروجه من الباطن بالذبح أو بمص البق - لعدم اتصال زمان الشك باليقين فيه، لأنه حين ذبح الحيوان قد علم بطهارة خصوص الدم المتخلف ونجاسة الدم المسفوح بعدما كان جميعه نجسا ما دام في الباطن، ولكن حين الخروج من الباطن بالذبح قد علم بطهارة بعضه وهو المتخلف، فيكون نظير ما إذا علم بطهارة الاناء الشرقي في المثال المتقدم، لان تخلف الدم في الحيوان يكون مطهرا له كإصابة المطر للاناء، والشك في كون الدم من المتخلف أو من المسفوح إنما يحصل بعد اشتباه المتخلف بالمسفوح بأحد موجبات الاشتباه، كما أن الشك في بقاء النجاسة في كل من الاناء الشرقي والغربي إنما يحصل بعد اشتباه الانائين، فالشك في نجاسة الدم المردد لا يتصل باليقين بنجاسة الدم عند كونه في الباطن، لان زمان الشك متأخر عن زمان العلم بالنجاسة، فإنه لا يمكن حصول الشك في نجاسته في حال الذبح، بل الشك إنما يحصل بعد زمان الذبح لأجل الاشتباه وعدم تمييز المسفوح عن المتخلف، فيتخلل بين زمان اليقين وزمان الشك زمان العلم بطهارة الدم المتخلف، وحيث يحتمل أن يكون الدم المردد من الدم المتخلف الذي قد علم بطهارته فلا يجري فيه استصحاب النجاسة.
والحاصل: أن اشتباه الدم المتخلف بالدم المسفوح يتصور على وجهين:
أحدهما: ما إذا كان الدم المتخلف ممتازا عن الدم المسفوح في أول الامر ثم حصل الاشتباه وتردد الدم الخاص بين كونه من المسفوح أو من المتخلف.
ثانيهما: ما إذا لم يكن الدم المتخلف ممتازا عن الدم المسفوح عند الشخص، بل كان في بدنه أو لباسه دم تردد بين أن يكون من المسفوح أو من المتخلف.
وفي كلا الوجهين لا يجري استصحاب النجاسة فيه، لان الوجه الأول يكون