الاجتناب عن جميع الأطراف مقدمة لترك الحرام المعلوم في البين، وإنما يجوز رفع اليد عن مقتضاه بمقدار ما يثبت من المانع، والاضطرار إلى غير المعين لا يصلح أن يكون مانعا عن وجوب ترك الحرام مطلقا ولو لم يصادف رفع الاضطرار به، بل أقصى ما يقتضيه الاضطرار هو جواز الاقتحام في الحرام على تقدير مصادفة ما يدفع به الاضطرار له، لان الضرورات تتقدر بقدرها، ويكفي في وجوب الاجتناب عن الباقي الغير المضطر إليه احتمال أن يكون هو الحرام المعلوم.
وتوهم: أنه ليس للمولى الترخيص في مخالفة التكليف على تقدير دون تقدير فاسد، فإنه لا مانع من ذلك، فدعوى: أن الترخيص في البعض تخييرا يلازم الترخيص في الكل مما لا شاهد عليها، فتأمل.
كشف قناع:
لا إشكال في أن الاضطرار إلى المعين يقتضي التوسط في التكليف.
وأما الاضطرار إلى غير المعين ففي اقتضائه التوسط في التكليف أو التوسط في التنجيز، إشكال.
وتوضيح ذلك: هو أن التوسط في التكليف معناه: ثبوت التكليف الواقعي على تقدير وعدم ثبوته على تقدير آخر، بتقييد إطلاقه وتخصيصه بحال دون حال (1) كما هو الشأن في تقييد كل إطلاق بقيد وجودي أو عدمي.