بلا فحص، وقد ادعي الاجماع على ذلك مضافا إلى إطلاق الأدلة، وسيأتي أن ذلك على إطلاقه ممنوع.
وأما في الشبهات الحكمية: فلا يجوز العمل بالبراءة فيها إلا بعد الفحص واليأس عن الظفر بما يخالفها. وقد استدل على ذلك بالأدلة الأربعة: من الكتاب والسنة والاجماع والعقل، وهو العمدة، لاستقلال العقل باستحقاق عقاب من ترك التعلم مع القدرة عليه بعد الالتفات إلى الشريعة وأن بنائها على تبليغ الاحكام على النحو المتعارف بين العقلاء في تبليغ مقاصدهم، فمن ترك التعلم والحال هذه كان عند العقل كتارك التكاليف عن عمد وعلم في استحقاق العقاب، بل وجوب الفحص عن الأحكام الشرعية يكون من صغريات وجوب الفحص عن معجزة من يدعي النبوة بعد التفاته إلى المبدأ الاعلى، ولا إشكال في استقلال العقل بذلك، وإلا لزم إفحام الأنبياء، كما لا يخفى وجهه.
فما يظهر من بعض الأعاظم: من أن وجوب الفحص عن الاحكام ليس من صغريات وجوب النظر في معجزة من يدعي النبوة، لا يخلو عن مناقشة.
وقد يقرر حكم العقل في المقام بوجه آخر، وحاصله: أن كل من التفت إلى المبدأ والشريعة يعلم إجمالا بثبوت أحكام فيها، ومقتضى العلم الاجمالي هو الفحص عن تلك الأحكام.
وقد نوقش في هذا الوجه:
أولا: بأنه أخص من المدعى، فان المدعى هو وجوب الاستعلام عن حكم كل مسألة تعم بها البلوى، وهذا الوجه إنما يوجب الفحص قبل استعلام جملة من الاحكام بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالاجمال فيه، لانحلال العلم الاجمالي بذلك.
وثانيا: بأنه أعم من المدعى، لان المدعى هو الفحص عن الاحكام في