بامكان الابتلاء به وحصول القدرة العادية عليه، فلا إشكال في استهجان النهي عنه في الأول وعدم استهجانه في الثاني، وأما الخمر الموجود في البلاد المتوسطة بين البعيدة والقريبة فقد يحصل الشك في القدرة العادية عليه وإمكان الابتلاء به، فان القدرة العادية لا تزيد على القدرة العقلية، والشك في حصول القدرة العقلية كثيرا ما يقع.
ومن المعلوم: أن الشك في حصول القدرة العادية يستتبع الشك في ثبوت التكليف وعدمه، فإذا كان المشكوك فيه أحد أطراف العلم الاجمالي ففي وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الذي يعلم بحصول القدرة عليه وإمكان الابتلاء به وعدمه، قولان: أقواهما وجوب الاجتناب عنه لوجهين:
الأول: هو أن الشك في ذلك وإن كان يستتبع الشك في ثبوت التكليف وتحقق الخطاب، إلا أنه لمكان العلم بالملاك وما هو المناط لانقداح الإرادة المولوية يجري عليه حكم الشك في المسقط.
وتوضيح ذلك: هو أن القدرة بكلا قسميها من العقلية والعادية ليست من الشرائط التي لها دخل في ثبوت الملاكات النفس الامرية ومناطات الاحكام، بل إنما هي من شرائط حسن التكليف والخطاب، لقبح التكليف واستهجانه عند عدم القدرة العقلية والعادية، فالملاك محفوظ في كلتا صورتي وجود القدرة وعدمها، والعقل يستقل بلزوم رعاية الملاك وعدم تفويته مهما أمكن إذا كان للمولى حكم على طبقه، غايته أنه عند العلم بعدم القدرة على استيفاء الملاك بكلا قسميها العقل لا يلزم برعاية الملاك، للعلم بأنه ليس للمولى حكم على طبقه.
وأما مع الشك في القدرة فالعقل يلزم برعاية الاحتمال تخلصا عن الوقوع في مخالفة الواقع، كما هو الشأن في جميع المستقلات العقلية، حيث إنه للعقل حكم طريقي في موارد الشك على طبق ما استقل به، وليس في شئ من الاحكام