زمان الشك أثر شرعي - كما لو توضأ المكلف بمايع مردد بين الماء والبول غفلة فان استصحاب طهارة البدن يقتضي ترتيب آثار الطهارة على البدن واستصحاب بقاء الحدث يقتضي ترتيب آثار الحدث - وإما أن يكون لاحد المستصحبين أثر شرعي في زمان الشك دون الآخر، كما في دعوى الموكل التوكيل في شراء العبد ودعوى الوكيل التوكيل في شراء الجارية فهذه جملة ما ذكره الشيخ - قدس سره - من الأقسام.
وقبل بيان أحكامه ينبغي تمهيد مقدمتين، وإن كان قد تقدم الكلام فيهما في أول مبحث الشك في المكلف به.
الأولى: هل الأصل في تعارض الأصول يقتضي التخيير في إعمال أحدها؟
أو أن الأصل في تعارض الأصول يقتضي التساقط؟ فقد يقال، بل قيل: إن الأصل يقتضي التخيير، قياسا لها على تعارض الطرق والامارات على القول بالسببية فيها، على ما سيأتي (إن شاء الله تعالى) في مبحث التعادل والتراجيح: من أن الأصل في تعارض الامارات هو التساقط بناء على الطريقية والتخيير بناء على السببية.
والأقوى: هو التساقط، فان التخيير في إعمال أحد الأصلين المتعارضين مما لا دليل عليه ولا يقتضيه أدلة اعتبار الأصول، لان أدلة اعتبارها تقتضي إعمال كل أصل بعينه، فإذا لم يمكن ذلك فلابد من التساقط. وقياس الأصول المتعارضة على الامارات المتعارضة مع الفارق، فان الامارات المتعارضة بناء على السببية فيها إنما تندرج في صغرى التزاحم، سواء قلنا بالسببية الباطلة التي ترجع إلى التصويب أو قلنا بالسببية الصحيحة التي توافق مسلك التخطئة.
أما على الأول: فرجوع التعارض في الامارات إلى باب التزاحم واضح. وأما على الثاني: فالسببية التي لا تنافي مذهب التخطئة عبارة عن اشتمال كل من الامارات المتعارضة على المصلحة السلوكية، على ما تقدم بيانها في الجمع بين