ووجوده، فنسبة الحكم إلى عموم أزمنة وجوده نسبة الحكم والموضوع والعرض والمعروض، فان مركب العموم الزماني ومحله ومعروضه إنما يكون هو الحكم، ففي قضية قولنا: " الحكم مستمر " أو " دائمي " يكون " الحكم " موضوعا و " مستمر " أو " دائم " محمولا، فلا يمكن أن يكون الحكم متكفلا لبيان أزمنة وجوده.
والحاصل: أن دليل الحكم إنما يتكفل بيان أصل ثبوت الحكم ووجوده، وأما استمراره ودوامه: فلابد وأن يكون بدلالة دليل آخر، وذلك واضح.
الجهة الثانية: لو كان مصب العموم الزماني متعلق الحكم: فعند الشك في التخصيص وخروج بعض الأزمنة عن العموم يصح التمسك بالعموم الزماني الذي دل عليه دليل الحكم، فلو قال: " أكرم العلماء في كل يوم " أو " في كل زمان " أو " مستمرا " أو " دائما " أو نحو ذلك من الألفاظ الموضوعة للعموم الزماني ثم شك في وجوب إكرام العالم في قطعة من الزمان، فالمرجع هو الدليل الاجتهادي الذي تكفل العموم الزماني، ولا تصل النوبة إلى استصحاب وجوب الاكرام الثابت قبل القطعة المشكوكة من الزمان، فان الشك في التخصيص الزماني كالشك في التخصيص الافرادي يرجع فيه إلى أصالة العموم وعدم التخصيص.
ولا مجال للرجوع إلى الاستصحاب، بل لا يجري فيه الاستصحاب، لأن المفروض أن الدليل الاجتهادي قد تكفل لحكم كل زمان من أزمنة ظرف وجود المتعلق، فقوله: " أكرم العلماء في كل يوم " يكون دليلا على وجوب إكرام كل فرد من أفراد العلماء في كل يوم من أيام العمر أو السنة أو الشهر، فكان لكل يوم حكم يخصه لا ربط له باليوم السابق أو اللاحق، فإنه لم يؤخذ العموم الزماني على نحو العام المجموعي بحيث يكون مجموع أيام العمر أو السنة