فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٥
العدم، فكيف يعقل وقوع التعارض بينهما مع كون التعارض فرع الاجتماع؟.
هذا حاصل ما أفاده الشيخ - قدس سره - بقوله: " أما أولا ".
ولكن للنظر فيما أفاده مجال، فان الظاهر عدم جريان استصحاب العدم الأزلي مطلقا، وإن اخذ الزمان قيدا للحكم أو الموضوع، لان العدم الأزلي هو العدم المطلق الذي يكون كل حادث مسبوقا به، وانتقاض هذا العدم بالنسبة إلى كل حادث إنما يكون بحدوث الحادث وشاغليته لصفحة الوجود، فلو ارتفع الحادث بعد حدوثه وانعدم بعد وجوده فهذا العدم غير العدم الأزلي، بل هو عدم آخر حادث بعد وجود الشئ.
وبعبارة أوضح: العدم المقيد بقيد خاص من الزمان أو الزماني إنما يكون متقوما بوجود القيد، كما أن الوجود المقيد بقيد خاص إنما يكون متقوما بوجود القيد، ولا يعقل أن يتقدم العدم أو الوجود المضاف إلى زمان خاص عنه، فلا يمكن أن يكون لعدم وجوب الجلوس في يوم السبت تحقق في يوم الجمعة.
وحينئذ نقول: إنه إذا وجب الجلوس إلى الزوال فالعدم الأزلي انتقض إلى الوجود قطعا (1) فإذا فرض ارتفاع الوجوب بعد الزوال لاخذ الزوال قيدا

(١) أقول: مرجع أخذ الزمان قيدا ومفردا للموضوع كون الوجوب الثابت له وجوبا آخر غير ما يثبت للفرد الآخر، فقهرا يصير المجعول في المقام فردين من الوجوب، غاية الامر يكون الفردان تدريجيان حسب تدريجية موضوعاته المقيدات بالزمان. فعند ذلك نقول: إن كل واحد من هذه الافراد هل من الحوادث الملازم لسبقه بالعدم أم لا؟ لا سبيل إلى الثاني. كما أن مرجع حدوث الشئ إلى سبقه بعدم نفسه، لا بعدم الطبيعة الجامعة بينه وبين غيره، فإذا كان الفرد الثاني أيضا حادثا فلا محيص من أن يكون وجوده مسبوقا بعدم نفسه، ومرجعه إلى سبقه بالعدم المضاف إلى المقيد لا بالعدم المقيد، إذ العدم المقيد لا يكون نقيض الوجود المقيد، كيف! وبارتفاع القيد يلزم ارتفاع النقيضين، وهو كما ترى! بل الوجود والعدم طاريان على الماهية المقيدة بنحو يكون القيد في مثلها مأخوذا في مرتبة ذاتها السابقة في اللحاظ عن مرتبة طرو الوجود والعدم عليه، فالوجود والعدم في عالم طروهما على المقيد مرسلتان عن القيد، كيف! والقيد مأخوذ في معروض الوجود فكيف يرجع هذا القيد إلى نفسه؟ نعم: هو مانع عن إطلاق الوجود، لا أنه موجب لتقيده، كما هو الشأن في كل قيد مأخوذ في الموضوع أو الحكم بالقياس إلى غيره من حكمه أو موضوعه، وحينئذ فقهرا العدم المضاف إلى هذا الفرد المقوم لحدوثه لا محيص من كونه أزليا، وما ليس أزلي هو العدم المقيد، بحيث يكون القيد راجعا إلى العدم لا إلى المعدوم، ولإن تأملت ترى هذه المغالطة دعاه إلى انكار الاستصحاب في كلية الاعدام الأزلية في موارد الشك في مقارنة الموجود الخاص بوصف، كقرشية المرأة وأمثاله، كما شرحه في رسالة مستقلة، ونحن أيضا كتبنا شرح مغالطته في رسالة مستقلة، فراجع الرسالتين، ولا تنظر إلى الرعد والبرق منه ومن أصحابه المتعبدين بمسلك أستاذهم!!!.
(٤٤٥)
مفاتيح البحث: الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست