المبحث الثامن قد عرفت: أن القاعدة تقتضي سقوط الخبرين المتعارضين، ولكن قد استفاضت النصوص على عدم السقوط مع فقد المرجح.
وقد اختلفت كلمات الأصحاب - قدس الله أسرارهم - في المتعارضين المتكافئين في المزايا الداخلية والخارجية، وعلى ما سيأتي بيانها.
فقيل: بالتخيير في الاخذ بأحدهما.
وقيل: بالتوقف، ومرجعه إلى الاحتياط، لان التوقف في الفتوى يستلزم الاحتياط في العمل.
وقيل: بوجوب الاخذ بما يوافق منهما الاحتياط إن كان، وإلا فالتخيير.
ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات الواردة في ذلك.
فان منها: ما يدل على التخيير مطلقا، كرواية الحسن بن جهم عن الرضا - عليه السلام - " قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيهما الحق؟ قال - عليه السلام - فإذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت " (1).
ومنها: ما يدل على التخيير في زمان الحضور، كرواية الحرث بن المغيرة (2) عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: " إذا سمعت من أصحابك الحديث [وكلهم ثقة] فموسع