وقد استبعد الشيخ - قدس سره - الاحتمال الثاني، بل أحاله عادة، لكثرة الدواعي إلى ضبط القرائن والمخصصات المتصلة واهتمام الرواة إلى حفظها ونقلها، فمن المستحيل عادة أن تكون مخصصات متصلة بعدد المخصصات المنفصلة وقد خفيت كلها علينا. فيتعين الاحتمال الثالث، وهو أن يكون مفاد العمومات حكما ظاهريا والحكم الواقعي هو مفاد المخصصات المنفصلة وقد تأخر بيانها لمصالح أوجبت اختفاء الحكم الواقعي إلى زمان ورود المخصصات، وقدم العام ليعول عليه ظاهرا، فيكون التكليف الظاهري في حق من تقدم عن زمان ورود المخصصات هو الاخذ بعموم العام، نظير الاخذ بالبراءة العقلية قبل ورود البيان من الشارع، بداهة أن بيان الاحكام إنما كان تدريجيا، فكما أنه قبل ورود البيان كان الحكم الظاهري هو ما يستقل به العقل: من البراءة والاحتياط، كذلك كان الحكم الظاهري قبل ورود المخصصات هو ما تضمنته العمومات، والفرق بينهما: هو أنه في البراءة كان عدم البيان وفي العمومات يكون بيان العدم (1).
هذا حاصل ما أفاده الشيخ - قدس سره - في تقريب الاحتمال الثالث وتبعيد الاحتمال الثاني.