مبحث الاشتغال.
ومن الغريب! ما زعمه: من حكومة حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل على أدلة البراءة الشرعية، فان ذلك بمكان من الفساد، ضرورة أن حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل يرتفع موضوعه بأدلة البراءة، لان احتمال الضرر فرع بقاء التكليف بالأكثر، وبعد رفع الشارع التكليف عنه لا يحتمل الضرر حتى يلزم دفعه، سواء أريد من الضرر العقاب أو الملاك، فالبراءة الشرعية تكون ورادة على حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل، بل البراءة العقلية أيضا تكون ورادة على هذا الحكم العقلي فضلا عن البراءة الشرعية، وقد تقدم تفصيل ذلك كله في الدليل الأول من الأدلة الأربعة التي أقيمت على حجية مطلق الظن وفي مبحث البراءة، فتأمل في أطراف ما ذكرناه جيدا.
تذييل:
قد استثنى الشيخ - قدس سره - من موارد دوران الامر بين الأقل والأكثر مورد الشك في حصول العنوان ومورد الشك في حصول الغرض، فذهب إلى أصالة الاشتغال وعدم جريان البراءة العقلية والشرعية فيهما، وقد تقدم ما يتعلق بشرح مرامه في هذا المقام، ولا بأس بإعادته تتميما لمباحث الأقل والأكثر.
فنقول: إن الافعال تختلف بالنسبة إلى الآثار المترتبة عليها، فان الفعل:
تارة: يكون سببا توليديا للأثر من دون أن يتوسط بين الفعل والأثر مقدمة أخرى، وهذا إنما يكون إذا كان الفعل الصادر عن الفاعل تمام العلة لحصول