وبما ذكرنا ظهر: عدم جريان قاعدة الفراغ في الوجه الرابع، فان الشك فيه أيضا لا يتمحض في الانطباق، لان قيام البينة مثلا قبل الصلاة على كون هذه الجهة هي القبلة إنما تجدي في صحة الصلاة إذا كانت محفوظة بعد الصلاة، والمفروض: أنه بعد الصلاة ارتفعت البينة إما لعلم المكلف بفسق الشاهدين وإما لشكه في عدالتهما، وعلى كلا التقديرين: يرجع شكه إلى الشك في كون هذه الجهة هي القبلة، فيندرج في الوجه الثاني من الوجه الثاني.
وكذا الكلام فيما إذا كان المكلف عالما بجهة القبلة وبعد الصلاة شك في مطابقة عمله للواقع، فإنه لا تجري في حقه قاعدة الفراغ أيضا، لسراية شكه بعد الصلاة إلى ما قبل الصلاة، ويرجع شكه بالآخرة إلى كون هذه الجهة هي القبلة، سواء كانت في حال الشك متذكرا لمدرك علمه وأنه حصل من السبب الذي ينبغي حصول العلم منه أو لم يكن متذكرا لمدرك قطعه ويحتمل حصوله عن سبب لا ينبغي الاعتماد عليه، فان التذكر لمدرك العلم وعدم التذكر لا دخل له بسراية الشك وكونه لجهة أخرى غير جهة الانطباق، فما استجوده الشيخ قدس سره من التفصيل بين الصورتين - عند التعرض لمدرك قاعدة اليقين بعد بيان عدم شمول أخبار الاستصحاب لها - مما لا وجه له، فراجع وتأمل جيدا.
المبحث السابع لا تجري قاعدة الفراغ والتجاوز في حق من يحتمل الترك عمدا، فان الظاهر من قوله - عليه السلام - " كل شئ شك فيه مما قد جاوزه الخ " وقوله عليه السلام " كلما مضى من صلاتك وطهورك الخ " هو اختصاص القاعدة بصورة احتمال الترك غفلة عن نسيان، خصوصا قوله - عليه السلام - " هو حين