ومما ذكرنا يظهر الوجه في تقديم المرجح الجهتي على المرجح المضموني، لتقدم رتبته عليه، وإن كان يظهر من صحيح " القطب الراوندي " عن الصادق - عليه السلام - تقديم الترجيح بموافقة الكتاب على مخالفة العامة، حيث قال - عليه السلام - " إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه، وإن لم تجدوه في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه " (1) والعمل بهذا الصحيح مشكل، إلا أن يقال: إن موافقة الكتاب تكون من المرجحات الصدورية، فتأمل.
بقي التنبيه على أمور.
الأول:
الترجيح بصفات الراوي وإن لم يصرح به في المقبولة لأنه لم يجعل صفات الراوي فيها من مرجحات الخبرين المتعارضين بل جعلت من مرجحات الحكمين المتعارضين، إلا أنه يمكن أن يقال: إنه لما كان منشأ اختلاف الحكمين هو اختلاف الروايتين، فيستفاد من ذلك أن المناط في ترجيح أحد الحكمين على الآخر بالصفات، لكون مثل هذه الصفات مرجحة لمنشأ الحكم وهو الرواية (2) ويؤيد ذلك أن الأصدقية إنما تناسب كونها مرجحة للرواية لا لنفس الحكم.