وثالثة: يستفاد من دليل الحكمة ومقدمات الاطلاق، وذلك إنما يكون إذا لزم من عدم العموم الزماني لغوية الحكم وخلو تشريعه عن الفائدة، كما في قوله تعالى: " أوفوا بالعقود " (1) فإنه لو لم يجب الوفاء بالعقد في كل زمان يلزم لغوية تشريع وجوب الوفاء بالعقود، لأنه لا فائدة في وجوب الوفاء بها في الجملة وفي آن ما. ولقد أجاد المحقق الكركي - رحمه الله - فيما أفاده من قوله: إن العموم الافرادي في قوله تعالى: " أوفوا بالعقود " يستتبع العموم الزماني، وإلا لم ينتفع بعمومه الافرادي.
وبالجملة: كما أنه قد يستفاد العموم الافرادي من دليل الحكمة، كقوله تعالى: " أحل الله البيع " (2) حيث إن إطلاقه بقرينة الحكمة يدل على حلية كل فرد من أفراد البيع - لأنه لا معنى لحلية فرد مردد من البيع - كذلك قد يستفاد العموم الزماني من الاطلاق بقرينة الحكمة (3).
الامر الرابع: مصب العموم الزماني تارة: يكون متعلق الحكم، وأخرى:
يكون نفس الحكم، بمعنى أنه:
تارة: يلاحظ الزمان في ناحية متعلق التكليف والفعل الصادر عن المكلف، كالوفاء والاكرام والشرب ونحو ذلك من متعلقات التكاليف الوجودية أو العدمية، فتكون آنات الزمان قيدا للوفاء والاكرام والشرب، أي يكون الوفاء أو الاكرام في كل آن معروض الوجوب وشرب الخمر في كل آن معروضا للحرمة، سواء كان العموم الزماني علين وجه العام الأصولي أو العام المجموعي.