ربما يتوهم أنه يلزم الدور. ولكن يدفع بأن التعبد بالظهور لا يتوقف على فعلية الصدور والتعبد به، بل يكفي في صحة التعبد بالظهور فرض الصدور، ولا يصح العكس، فتأمل.
وعلى كل حال: لا إشكال في أن التعبد بجهة الصدور يتوقف على التعبد بالصدور، والتعبد بالمضمون يتوقف على التعبد بجهة الصدور، ولازم ذلك هو تقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي عند التعارض بينهما، كما هو ظاهر أدلة الترجيح، فان في مقبولة " عمر بن حنظلة " قدم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي. ولا يعارضها اقتصار بعض الأدلة على ذكر بعض المرجحات، فإنه يجب تقييدها بما في المقبولة.
نعم: ربما يقع التعارض بين المقبولة وبين سائر الأدلة من جهة أخرى سيأتي البحث عنها. والمقصود في المقام: بيان تقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي، فان القاعدة تقتضي ذلك، مضافا إلى دلالة أدلة الترجيح عليه.
فلا وجه لما عن الوحيد البهبهاني - رحمه الله - من تقديم المرجح الجهتي على المرجح الصدوري، كما لا وجه لما أفاده المحقق الخراساني - قدس سره - من وقوع التزاحم بين المرجحات عند التعارض وتقديم ما هو أقوى مناطا وإلا فالتخيير بدعوى: أن الترجيح بجميع المرجحات يرجع إلى الصدور، فان التعبد بالأخذ بما يخالف العامة معناه: البناء على أنه هو الصادر وأن الموافق لهم غير صادر، لأنه لا معنى للتعبد بصدور الخبر مع وجوب حمله على التقية، إذ الحمل على التقية يساوق الطرح، ولا يعقل أن تكون نتيجة التعبد بالصدور هي الطرح، فمعنى عدم الاخذ بالخبر الموافق للعامة هو البناء على عدم صدوره، فلا تشمله أدلة حجية الخبر الواحد. وكذا الحال في موافقة أحد المتعارضين للكتاب، فان معنى الاخذ بالموافق: هو البناء على عدم صدور المخالف للكتاب. فالمرجحات المنصوصة كلها ترجع إلى الصدور.