فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٩٨
والاضطرار جعل حدا للتكليف شرعا.
فدعوى: أن العلم الاجمالي بالتكليف المردد بين المحدود وغيره لا يقتضي التنجيز، مما لا سبيل إليها.
نعم: تصح هذه الدعوى مع وحدة متعلق العلم، كما لو علم بوجوب إكرام زيد وتردد بين اليوم واليومين، فإنه في مثل ذلك يمكن أن يقال: بعدم وجوب الاكرام في اليوم الثاني وجريان البراءة عنه إن لم نقل بجريان استصحاب وجوب الاكرام الثابت في اليوم الأول.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن الاضطرار إلى المعين لا يرفع تأثير العلم الاجمالي بالنسبة إلى الطرف الآخر إذا كان طرو الاضطرار بعد العلم.
وأما الاضطرار إلى غير المعين، فالأقوى فيه وجوب الاجتناب عما عدا ما يدفع به الاضطرار مطلقا في جميع الصور، سواء كان الاضطرار قبل تعلق التكليف بأحد الأطراف أو بعده، وسواء كان قبل العلم به أو بعده أو مقارنا له، فان الاضطرار إلى غير المعين يجتمع مع التكليف الواقعي ولا مزاحمة بينهما، لامكان رفع الاضطرار بغير متعلق التكليف (1) مع قطع النظر عن العلم والجهل

(1) أقول: لا يخفى أن الاضطرار بغير المعين إنما يجتمع مع التكليف بالمعين ما لم يزاحم هذا التكليف بتكليف آخر ولو عقليا ظاهريا، إذ حينئذ يلزم العقل بجعل الاضطرار في غير مورد التكليف، فيؤثر التكليف بلا مزاحم في إيجاد متعلقه.
وأما لو كان في البين إلزام آخر - ولو ظاهريا - لا مجال لالزام العقل بجعل الاضطرار في الطرف الآخر، فللمكلف جعل اضطراره في مورد التكليف، ففي هذه الصورة يزاحم الاضطرار مورده، ولازم ذلك صلاحية مثل هذا الاضطرار لرفع اليد عن التكليف الواقعي، غاية الامر لا مطلقا بل مشروطا باختيار ترك الآخر، ونتيجة ذلك عدم بقاء الواقع على فعليته المطلقة، بل قهرا يبقى للواقع تكليف توسطي بين ثبوته في الواقع بقول مطلق وبين نفي التكليف رأسا، ولازمه جواز ترك الموافقة القطعية وإن قلنا بعلية العلم الاجمالي، وذلك من جهة نقص في المعلوم، لا في العلم، وحينئذ ليست المسألة من صغريات ذلك البحث، كما لا يخفى.
(٩٨)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الوجوب (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست