وقال في كتاب الأيمان من الخلاف: لا يدخل الاستثناء بمشيئة الله إلا في اليمين فحسب، وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة: يدخل في اليمين بالله وبالطلاق والعتاق وفي النذور وفي الإقرار. دليلنا: إن ما ذكرناه مجمع على دخوله فيه، وما قالوه ليس عليه دليل (1).
وقال ابن إدريس: لا يدخل الاستثناء بمشيئة الله تعالى عندنا، بغير خلاف بين أصحابنا معشر الإمامية، إلا في اليمين بالله حسب، لأنه لا أحد من أصحابنا قديما وحديثا يتجاير ويقدم على أن رجلا أقر عند الحاكم بمال لرجل آخر وقال بعد إقراره: (إن شاء الله) لا يلزمه ما أقر به. فأما شيخنا أبو جعفر فهو محجوج بقوله، فإنه رجع عما قاله في كتاب الطلاق من الخلاف بما قاله في كتاب الأيمان، ففي المسألة الأولى اختار مذهب أبي حنيفة، وفي الثانية مذهب مالك، ثم استدل على صحة المسألتين، ولعمري أن الأدلة لا تتناقض (2).
والتحقيق أن نقول: إن مقصود الشيخ في المسألة الأولى قبول الطلاق والعتق، للإيقاف بالمشيئة فيبطل الإيقاع، ولو لم يقبلاه كان الاستثناء باطلا، ويكون الطلاق والعتق ماضيين، وهو باطل إجماعنا منا. ومقصوده في المسألة الثانية بعدم دخوله فيهما أنه يوقف (3) حكم الطلاق والعتاق ويبطلان معه، فلا يبقى للدخول مع صحتهما إمكان.
وقال ابن الجنيد: وإذا قال الرجل لامرأته: (أنت طالق إن شاء الله) وكان قوله ذلك في الوقت والشرائط التي يصح بمثلها الطلاق سئل عن نيته وقوله، وأجيز منه (4) ما تجيزه السنة ورد ما ردته.