فهو كما لو ظهر المثمن المعين ملكا للغير، فإن المشتري يرجع إلى البائع بالثمن مع التلف اتفاقا، مع أنه إنما ضمنه الثمن بإزاء هذا الشئ الذي هو مال الغير، فكما أن التضمين هنا حقيقي، وكون المثمن مالا له اعتقادي لا يقدح تخلفه في التضمين، فكذلك بناء المشتري في ما نحن فيه على ملك المثمن عدوانا لا يقدح في التضمين الحقيقي بماله.
قلت: الضمان كون الشئ في عهدة الضامن وخسارته عليه، وإذا كان المضمون به ملكا لغير الضامن واقعا فلا يتحقق الضمان الحقيقي مع علمهما بذلك.
وما ذكر: من بناء المتعاقدين في هذا العقد على كون المثمن ملكا للبائع الغاصب مع كونه مال الغير، فهو إنما يصحح وقوع عقد التمليك والتملك منهما ادعاء مع عدم كون البائع أهلا لذلك في الواقع، وإلا فأصل المعاوضة حقيقة بين المالكين والضمان والتضمين الحقيقي بالنسبة إليهما، ولذا ينتقل الثمن إلى مالك المبيع ويدخل في ضمانه بمجرد الإجازة.
والحاصل: أنه لا تضمين حقيقة في تسليط المشتري البائع على الثمن، وأما رجوع المشتري مع اعتقاد المتبائعين لمالكية (1) البائع للمثمن عند انكشاف الخطأ - مع أنه إنما ضمنه بمال الغير - فلعدم طيب نفسه على تصرف البائع فيه من دون ضمان، وإن كان ما ضمنه به غير ملك له ولا يتحقق به التضمين، لأنه إنما طاب نفسه بتصرف البائع لاعتقاد كون المثمن ملكا له وصيرورته مباحا له بتسليطه عليه، وهذا مفقود فيما