ما اثر عنه من المواعظ والحكم في تاريخ دمشق لابن عساكر: قال حذيفة: تعودوا الصبر فان الصبر خير، وتعودوا البلاء فإنه يوشك ان ينزل بكم البلاء مع أنه لا يصيبكم أشد مما أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ورواه في حلية الأولياء بسنده عن صلة عن حذيفة الا أنه قال: تعودوا الصبر فأوشك ان ينزل بكم البلاء! أما انه لا يصيبكم أشد الخ. وفيه قال حذيفة ان الله يقول (اقتربت الساعة وانشق القمر) إلا أن القمر انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الا ان الساعة قد قربت، الا ان المضمار اليوم والسبق غدا. وفي حلية الأولياء بسنده عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: انطلقت إلى الجمعة مع أبي بالمدائن وبيننا وبينها فرسخ وحذيفة بن اليمان على المدائن، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: (اقتربت الساعة وانشق القمر) الا وان القمر قد انشق، الا وان الدنيا قد آذنت بفراق الا وان اليوم المضمار وغدا السباق، فقلت لأبي ما يعني بالسباق؟ فقال من سبق إلى الجنة اه.
وأخرج ابن عساكر من طريق البغوي عن حذيفة، ورواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن حذيفة أنه قال: بحسب المرء من العلم ان يخشى الله عز وجل وبحسبه من الكذب أن يقول استغفر الله ثم يعود. وقال فيما رواه ابن المبارك: ان الحق ثقيل وهو مع ثقله شاف، وان الباطل خفيف وهو مع خفته وبئ، وترك الخطيئة أيسر، وخير من طلب التوبة، ورب شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا. وأخرج البيهقي عنه انه انشد يوما:
ليس من مات فاستراح بميت * انما الميت ميت الأحياء فقيل له: ما ميت الأحياء؟ قال الذي لا يعرف المعروف بقلبه ولا ينكر المنكر بقلبه، وفي رواية: هو الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه. وقال يوما لرجل: أراك إذا دخلت الكنيف أبطأت في مشيتك وإذا خرجت أسرعت، فقال: ادخل وانا على وضوء وأخرج وأنا على غير وضوء فأخاف ان يدركني الموت قبل ان أتوضأ، فقال له حذيفة: انك لطويل الأمل، لكني ارفع قدمي فأخاف ان لا أضع الأخرى حتى أموت. وأخرج ابن عساكر وابن أبي شيبة عن حذيفة أنه قال: لوددت لو أن لي من يصلح لي مالي فاغلق علي بأبي فلا يدخل علي أحد حتى الحق بالله عز وجل.
وقيل له: ما لك لا تتكلم؟ فقال: ان لساني سبع أخاف ان تركته يأكلني.
وقال: ليس خياركم من ترك الدنيا للآخرة. ولكن خياركم من أخذ من كل شئ أحسنه. وقال خياركم الذين يأخذون من دنياهم لآخرتهم ومن آخرتهم لدنياهم. وسئل يوما عن مسالة فقال: انما يفتي أحد ثلاثة من عرف الناسخ والمنسوخ أو رجل ولي سلطانا فلا يجد من ذلك بدا أو متكلف. وفي حلية الأولياء بسنده عن حذيفة أنه قال إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء فان أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء حتى يصير كالشاة الربداء. وبسنده عن حذيفة قال: إياكم ومواقف الفتن، قيل: وما مواقف الفتن يا أبا عبد الله؟ قال أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول ما ليس فيه. وبسنده عن الأعمش: بلغني أن حذيفة كان يقول: ليس خيركم الذين يتركون الدنيا للآخرة ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا، ولكن الذين يتناولون من كل. وبسنده عن كردوس قال: خطب حذيفة بالمدائن فقال أيها الناس تعاهدوا ضرائب غلمانكم فان كانت من حلال فكلوها وان كانت من غير ذلك فارفضوها، فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: انه ليس من لحم ينبت من سحت فيدخل الجنة. وأخرج أبو نعيم أيضا في الحلية من طريق أحمد بن حنبل عن حذيفة: ان بائع الخمر كشاربها ألا ان مقتني الخنازير كأكلها تعاهدوا أرقاءكم فانظروا من أين يجيئون بضرائبهم فإنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت. وبسنده عن حذيفة قال: ان في القبر حسابا وفي القيامة حسابا فمن حوسب يوم القيامة عذب.
التنزه عن منازعة الأشرار والفجار في كشكول البهائي: قال حذيفة بن اليمان لرجل أتحب ان تغلب شر الناس؟ قال نعم. فقال إنك لن تغلبه حتى تكون شرا منه اه. وفي حلية الأولياء بسنده قال حذيفة لرجل أيسرك انك قتلت أفجر الناس؟ قال نعم. قال إذا تكون أفجر منه اه. يريد بذلك انه ينبغي التنزه عن منازعة الأشرار والفجار.
ما أثر عنه من الدعاء في تاريخ دمشق ان حذيفة قال يوما: لأقومن اليوم ولأمجدن ربي عز وجل، قال الراوي فسمعت صوتا لم أسمع صوتا قط أحسن منه فقال اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله واليك يرجع الأمر كله علانية وسرا اغفر لي ما سلف مني واعصمني فيما بقي.
القلوب أربعة في حلية الأولياء بسنده عن حذيفة قال: القلوب أربعة: قلب أغلف فذلك قلب الكافر، وقلب مصفح فذلك قلب المنافق، وقلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن، وقلب فيه نفاق وايمان فمثل الايمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب، ومثل النفاق مثل القرحة يمدها قيح ودم فأيهما ما غلب عليه غلب.
التلاعن في حلية الأولياء عن حذيفة: ما تلاعن قوم قط الا حق عليهم القول.
من روى عنهم حذيفة في الإصابة: روى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الكثير وعن عمر.
الراوون عن حذيفة.
في تاريخ دمشق: روى عنه جماعة، وفي أسد الغابة: روى عنه ابنه أبو عبيدة وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وقيس بن أبي حازم وأبو وائل وزيد بن وهب وغيرهم، (أقول): لم يكن علي بن أبي طالب - وهو باب مدينة العلم - ليروي عن حذيفة ولا غيره وأحر بان يروي حذيفة عنه. وفي الإصابة: روى عنه جابر وجندب وعبد الله بن يزيد وأبو الطفيل في آخرين. ومن التابعين ابنه بلال وربعي بن خراش وزيد بن وهب وزر بن حبيش وأبو وائل وغيرهم. قلت: وروى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى.
توليته على المدائن ووفاته بها ذكر المؤرخون أن عمر ولاه المدائن، لكنهم لم يذكروا في أي سنة كان ذلك، ولكن الظاهر أن ذلك كان بعد خروج سعد من المدائن وبنائه