و (الناطلون) و (البقلار) وغيرها في قصيدة قافية مدح بها محمد بن يوسف الثغري، فمن أبياتها قوله:
رميت من أبي سعيد صفاة الروم * جمعا بالصيلم الخنفقيق ومنها قوله يصف خيلا:
وطئت هامة الضواحي فلما * أن قضت نحبها من القيذوق ألهبتها السياط حتى إذا استفت * باطلاقها على الناطلوق شنها شزبا فلما استباحت * بالبقلار كل سهب ونيق في معجم البلدان: الناطلوق بفتح الطاء المهملة وضم اللام موضع في الشعر ذكره أبو تمام وذكر البيت. والموجود في الديوان الباطلوق بالباء الموحدة. وقوله.
عطفت ملامتها على ابن ملمة * كالسيف جاب الصبر شخت الآل وقوله:
مهلا بني مالك لا تجلبن إلى * حي الأراقم دؤلول ابنة الرقم وقوله:
وبالخدلة الساق المخدمة الشوى * قلائص يتبعن العبنى المخدما وقوله:
ومؤيه بي كي أفيق وإنني * لأصم عن ياه وعن يهياه كالسيف ليس بزمل شهذارة يوما ولا بغضبة جباه وقوله:
حماد من نوء له حماد * في ناجرات الشهر لا الدآدي الزحاف واضطراب الوزن الخامس - مما عيب على أبي تمام الزحاف واضطراب الوزن وإليه أشار دعبل بقوله (إن شعر أبي تمام بالخطب والكلام المنثور أشبه منه بالكلام المنظوم) فمن ذلك قوله.
وأنت بمصر غايتي وقرابتي * بها وبنو أبيك فيها بنو أبي وقوله:
كساك من الأنوار أبيض ناصع * وأصفر فاقع وأحمر ساطع وقوله:
يقول فيسمع ويمضي فيسرع * ويضرب في ذات الإله فيوجع وكذلك حكاه الثعالبي في ترجمة السلامي محمد بن عبد الله، والذي في الديوان (ثم يمضي) وقوله.
لم تنتقض عروة منه ولا قوة * لكن أمر بني الآمال ينتقض والذي في الديوان (ولا سبب) بدل ولا قوة. وقوله.
إلى المفدي أبي يزيد الذي * يظل غمر الملوك في ثمده وقوله في هذه القصيدة.
جلة أنماره وهمدانه * والشم من أزده ومن أدده وقوله ولم تغير وجهي عن الصبغة * الأولى بمسفوع اللون ملتمعه قال الآمدي إن هذا الزحاف مغتفر في الشعر، ولكنه حيث كثر في شعر أبي تمام صار معيبا (اه). والحق إنه معيب قل أو كثر لكن الكثير أكثر عيبا.
السرقة السادس - مما عيب على أبي تمام السرقة، واعلم أن نسبة السرقة في الشعر لم يسلم منها أحد من الشعراء لا سيما المحدثين، ولا يبعد أن يكون أبو تمام أوفر الناس نصيبا في هذه النسبة لا لأنه أكثرهم سرقة بل لأنه أشيعهم ذكرا وأكثرهم حاسدا، فقد أحصى ابن أبي طاهر فيما حكاه عنه الآمدي في الموازنة كما ستعرف سرقاته وأطال فيها، وقد كان دعبل ينسبه إلى السرقة ويبالغ في ذلك حتى زعم أن ثلث شعره سرقة، ولكن هذا محض تحامل كما يأتي. وقال الآمدي - الذي ليس بسالم من التعصب على أبي تمام - إنه كثير السرقة، ثم قال سمعت أبا علي محمد بن العلاء السجستاني يقول: إنه ليس لأبي تمام معنى انفرد به فاخترعه إلا ثلاثة معان وهي قوله:
تأبى على التصريد إلا نائلا * إلا يكن ماء قراحا يمذق نررا كما استكرهت عائر نفخة * من فارة المسك التي لم تفتق وقوله:
بني مالك قد نبهت خامل الثرى * قبور لكم مستشرفات المعالم رواكد قيد الشبر من متناول * وفيها علا لا ترتقى بالسلالم وقوله:
وإذا أراد الله نشر فضيلة * طويت أتاح لها لسان حسود لولا اشتعال النار فيما جاورت * ما كان يعرف طيب عرف العود (اه). وهذا تحامل ليس فوقه تحامل، ولهذا تعقبه الآمدي بقوله: ولست أرى الأمر على ما ذكره أبو علي، بل أرى انه على كثرة مآخذه من أشعار الناس ومعانيهم مخترعات كثيرة وبدائع مشهورة (اه).
ثم إن العادة جارية في أن الشاعرين إذا تعاورا معنى واحدا ان يقال إن اللاحق أخذ من السابق، ولكن هذا على إطلاقه ليس بصحيح، فقد يكون اللاحق لم يطلع على شعر السابق، وهذا ما يسمونه بتوارد الخاطر، ومر في ترجمة المتنبي انه قيل له في بيت شعر: معنى بيتك هذا أخذته من الطائي. فقال الشعر جادة وربما وقع حافر على حافر (اه). فمجرد توافق الشاعرين لا يدل على أخذ أحدهما من الآخر، على أن السرقة إنما تكون في المعاني الغريبة المخترعة، أما المعاني المبذولة المتعارفة فلا يتحقق فيها السرقة لمعرفة الجميع بها. وقال الآمدي في الموازنة: وجدت ابن أبي طاهر خرج سرقات أبي تمام فأصاب في بعضها وأخطأ في البعض، لأنه خلط الخاص من المعاني بالمشترك بين الناس مما لا يكون مثله مسروقا (اه). وفي أخبار أبي تمام للصولي: لو جاز أن يصرف عن أحد من الشعراء سرقة لوجب أن يصرف عن أبي تمام لكثرة بديعه واختراعه واتكائه على نفسه، ولكن حكم النقاد للشعر العلماء به قد مضى بأن الشاعرين إذا تعاورا معنى ولفظا أو جمعاهما أن يجعل السبق لأقدمهما سنا وأولهما موتا، وينسب الأخذ إلى المتأخر، لأن الأكثر كذا يقع، وإن كانا في عصر ألحق بأشبههما به كلاما، فان أشكل ذلك تركوه لهما (اه). وقال المرتضى في الشهاب: ليس ينبغي لأحد ان يقدم على أن يقول أخذ فلان الشاعر هذا المعنى من فلان وان كان أحدهما متقدما والآخر متأخرا، لأنهما ربما تواردا من غير قصد ولا