جعفر بن محمد بن إسماعيل بن الخطاب ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الهادي (ع) وعن جامع الرواة انه نقل رواية علي بن سليمان عنه في باب لحوق الأولاد بالآباء من التهذيب.
جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعي كان واليا للرشيد على خراسان وكان من المقربين عنده قال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 171 فيها قدم أبو العباس الفضل بن سليمان الطوسي من خراسان واستعمل الرشيد عليها جعفر بن محمد بن الأشعث فلما قدم خراسان سير ابنه العباس إلى كابل فقاتل أهلها حتى افتتحها ثم افتتح سانهار وغنم ما كان بها و قال الطبري في تاريخه في سنة 171 كان قدوم أبي العباس الفضل بن سليمان الطوسي مدينة السلام منصرفا من خراسان وكان خاتم الخلافة حين قدم مع جعفر بن محمد بن الأشعث فلما قدم أبو العباس الطوسي اخذه الرشيد منه فدفعه إلى أبي العباس ثم قال:
ذكر ولاة الأمصار في أيام هارون الرشيد ولاة خرسان أبو العباس الطوسي جعفر بن محمد بن الأشعث، العباس بن جعفر ومثله قال ابن الأثير وقال ابن الأثير في حوادث سنة 173 فيها استقدم الرشيد جعفر بن محمد بن الأشعث من خراسان واستعمل عليها ابنه العباس بن جعفر اه وفي عيون الأخبار: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني حدثنا محمد بن يحيى الصولي حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي - إلى أن قال - قال علي بن محمد النوفلي فحدثني أبي انه كان سبب سعاية يحيى بن خالد بموسى بن جعفر وضع الرشيد ابنه محمد بن زبيدة - الملقب بالأمين - في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث فساء ذلك يحيى وقال إذا مات الرشيد وأفضت الخلافة إلى محمد انقضت دولتي ودولة ولدي وتحول الأمر إلى جعفر بن محمد بن الأشعث وولده - (ولكنه لم يعلم أن الحذر لا يدفع القدر وان من حفر لأخيه بئرا أوقعه الله فيها فقد زالت دولته ودولة ولده قبل ان تفضي الخلافة إلى محمد).
وكان جعفر المذكور وأبوه وأهل بيته يقولون بالإمامة وكان سبب تشيعهم امر ذكرناه في ترجمة أبيه محمد بن الأشعث الخزاعي فنقلنا هناك عن صفوان بن يحيى أنه قال: قال لي جعفر بن محمد بن الأشعث أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر؟ وذكر سبب تشيع أبيه محمد بن الأشعث الذي كان أول من تشيع منهم، فاحتال يحيى على جعفر (قال صاحب الحديث) وكان قد عرف مذهبه في التشيع فأظهر له يحيى انه على مذهبه فسر به جعفر وانس به وأفضى اليه بجميع أموره وذكر له ما هو عليه في موسى بن جعفر، فلما وقف على مذهبه سعى به إلى الرشيد وكان يكثر غشيانه في منزله فيقف على امره ويرفعه إلى الرشيد ويزيد عليه فكان الرشيد يرعى لجعفر موضعه وموضع أبيه من نصرة الخلافة فكان يقدم في امره ويؤخر ويحيى لا يالو ان يحطب عليه إلى أن دخل جعفر يوما إلى الرشيد فأظهر له اكراما وجرى بينهما كلام مت به جعفر بحرمته وحرمة أبيه فأمر له الرشيد في ذلك اليوم بعشرين ألف دينار فامسك يحيى عن أن يقول فيه شيئا حتى امسى، ثم قال للرشيد قد كنت أخبرك عن جعفر ومذهبه فتكذب عنه وهاهنا امر فيه الفيصل، قال وما هو؟ قال إنه لا يصل اليه مال من جهة من الجهات الا اخرج خمسه فوجه به إلى موسى بن جعفر ولست أشك انه قد فعل ذلك في العشرين الف الدينار التي أمرت له بها فأرسل الرشيد إلى جعفر ليلا - وكان قد عرف سعاية يحيى به فتباينا واظهر كل واحد منهما لصاحبه العداوة - فلما طرق جعفر رسول الرشيد بالليل خشي ان يكون قد سمع فيه قول يحيى وانه انما دعاه ليقتله فاغتسل وتحنط بمسك وكافور ولبس بردة فوق ثيابه واقبل إلى الرشيد، فلما شم رائحة الكافور ورأى البردة عليه قال ما هذا؟ فقال يا أمير المؤمنين قد علمت أنه سعي بي عندك فلما جاءني رسولك في هذه الساعة لم آمن ان يكون قد قدح في قلبك ما يقال علي فأرسلت إلي لتقتلني، قال كلا ولكن قد خبرت انك تبعث إلى موسى بن جعفر من كل ما يصل إليك بخمسه وانك قد فعلت ذلك في العشرين الألف الدينار فأحببت ان اعلم ذلك، فقال جعفر: الله أكبر يا أمير المؤمنين تأمر بعض خدمك يذهب فيأتيك بها بخواتيمها فقال الرشيد لخادم له خذ خاتم جعفر وانطلق به لتأتيني بها فأعطاه جعفر خاتمه وسمى له جاريته التي عندها المال فدفعت اليه البدر بخواتيمها فأتى بها إلى الرشيد، فقال له جعفر: هذا أول ما تعرف به كذب من سعى بي إليك، قال صدقت، انصرف آمنا فاني لا اقبل فيك قول أحد.
وجعل يحيى يحتال في اسقاط جعفر فقال يوما لبعض ثقاته وهو يحيى بن أبي مريم أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال له رغبة في الدنيا فأوسع له منها فيعرفني ما احتاج اليه من أحوال موسى بن جعفر وأراد بذلك ان يتعرف منه أحوال الكاظم (ع) ليتوصل بذلك إلى معرفة اتصال جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعي به فيجعل ذلك وسيلة إلى الوشاية به عند الرشيد فدل على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد فأرسل اليه يحيى فقال أخبرني عن عمك وعن شيعته والمال الذي يحمل اليه فقال له عندي الخبر وسعى بعمه - ومر في سيرة الكاظم (ع) ان يحيى بن خالد حمل إلى علي بن إسماعيل مالا وارسل اليه يرغبه في قصد الرشيد فأجاب فبلغ ذلك الكاظم (ع) فسأله عن سبب خروجه، فقال: علي دين، فقال: انا أقضي دينك وأكفيك أمر عيالك فلم يقبل، فقال له اتق الله ولا تؤتم أولادي وامر له بثلاثمائة دينار وأربعة آلاف درهم ثم قال:
والله ليسعين في دمي وليؤتمن أولادي، فقيل له تعلم هذا من حاله وتصله قال نعم حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الرحم إذا قطعت فوصلت فقطعت قطعها الله فخرج حتى اتى يحيى فتعرف منه خبر موسى بن جعفر فرفعه إلى الرشيد ثم أوصله إلى الرشيد فسعى بعمه اليه وقال إن الأموال تحمل اليه من المشرق والمغرب وانه اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار فسماها اليسيرة واحضر المال فقال له البائع لا آخذ الا نقد كذا فرد المال وأعطاه من النقد الذي طلب. فأمر له الرشيد بمائتي ألف درهم (ولكن وصله المال وهو في النزع الأخير فرد إلى خزانة الرشيد). وقبره ببغداد في الجانب الشرقي معروف إلى اليوم ولا تزوره الشيعة ويزوره غيرهم (وفي رواية) ان الذي وشى بالامام (ع) هو محمد بن إسماعيل بن جعفر وفي أخرى انه اخوه محمد بن جعفر ويمكن ان يكونوا كلهم سعوا به.
ولا نعلم ما ذا جرى لجعفر بن محمد بن الأشعث بعد ذلك ولا نعلم من حاله غير ما مر. وذكر في الرجال محمد بن محمد بن الأشعث بن محمد الكوفي راوي كتاب الأشعثيات أو الجعفريات لإسماعيل بن موسى بن جعفر عن ولده موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ولكن الطبقة لا توافق ان يكون هو أخا جعفر هذا لأن التلعكبري قال إن والدي اخذ لي إجازة من محمد بن محمد بن الأشعث سنة 313 والرشيد مات سنة 193 وذكر ابن النديم في الفهرست عند ذكر أسماء البلغاء: جعفر بن محمد بن الأشعث.