ذر يقرأ عليكم السلام واقسم عليكم ان لا تركبوا حتى تأكلوا، ففعلوا وحملوا أهله معهم حتى أقدموهم مكة، ولما حضروا شموا من الخباء ريح مسك فسألوها عنه، فقالت إنه لما حضر قال إن الميت يحضره شهود يجدون الريح لا يأكلون، فدوفي لهم مسكا بماء ورشي به الخباء. وكان النفر الذين شهدوه: ابن مسعود وأبا مفرز وبكر بن عبد الله التميميين والأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس ومالك الأشتر النخعيين والحلحال الضبي والحرث بن سويد التميمي وعمرو بن عتبة السلمي وابن ربيعة السلمي وأبا رافع المزني وسويد بن شعبة التميمي ويزيد بن معاوية النخعي وأخا القرثع الضبي وأخا معضد الشيباني، وقيل كان موته سنة احدى وثلاثين اه. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن خليفة بن خياط قال مات أبو ذر بالربذة سنة اثنتين وثلاثين وصلى عليه عبد الله بن مسعود، وفيها أيضا مات عبد الله بن مسعود، قال وصلاة عبد الله بن مسعود عليه لا تبعد فقد روي باسناد آخر أنه كان في الرهط من أهل الكوفة الذين وقفوا للصلاة عليه. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله بن مسعود في حديث تقدم في خبره في غزاة تبوك قال وضرب الدهر من ضربته وسير أبو ذر إلى الربذة فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمرون بكم فقولوا هذا أبو ذر، فلما مات فعلوا به كذلك فطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة فقالوا ما هذا؟ فقيل جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده فنزل فوليه بنفسه حتى اجنه ثم قال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه اه. وروى الكشي في رجاله في ترجمة مالك الأشتر قال حدثني عبيد بن محمد النخعي الشافعي السمرقندي عن أبي أحمد الطرسوسي حدثني خالد بن طفيل الغفاري عن أبيه عن حلام (1) بن ركين (2) الغفاري وكانت له صحبة. وفي الدرجات الرفيعة اخرج الكشي عن جلام بن ذر الغفاري وكانت له صحبة - قال مكث أبو ذر بالربذة حتى مات فلما حضرته الوفاة قال لامرأته: اذبحي شاة من غنمك واصنعيها فإذا نضجت اقعدي على قارعة الطريق فأول ركب ترينهم قولي يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قضى نحبه ولقي ربه فأعينوني عليه وأجنوه، فان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرني اني أموت في أرض غربة وانه يلي غسلي ودفني والصلاة علي رجال من أمته صالحون. عن محمد بن علقمة بن الأسود النخعي قال: خرجت في رهط أريد الحج منهم مالك بن الحارث الأشتر وعبد الله بن فضل التيمي ورفاعة بن شداد البجلي حتى قدمنا الربذة فإذا امرأة على قارعة الطريق تقول: يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد هلك غريبا ليس أحد يعينني عليه، فنظر بعضنا إلى بعض وحمدنا الله على ما ساق الينا واسترجعنا على عظيم المصيبة، ثم أقبلنا معها فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء، ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه، ثم قدمنا مالك الأشتر فصلى عليه، ثم دفناه فقام الأشتر على قبره، ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبدك في العابدين وجاهد فيك المشركين لم يغير ولم يبدل، لكنه رأى منكرا فغيره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي وحرم واحتقر ثم مات وحيدا غريبا اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجره وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا آمين، فقدمت الشاة التي صنعت فقالت إنه أقسم عليكم ان لا تبرحوا حتى تتغدوا، فتغدينا وارتحلنا اه. وفي تفسير علي بن إبراهيم في تتمة الخبر السابق في غزوة تبوك: فلما سيره عثمان إلى الربذة كان له غنيمات يعيش هو وعياله منها فأصابها داء يقال له التقاب فماتت كلها، فأصاب أبا ذر وابنته الجوع وماتت أهله فقالت ابنته أصابنا الجوع وبقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا، فقال لي أبي يا بنية قومي بنا إلى الرمل نطلب العبب - وهو نبت له حب - فصرنا إلى الرمل فلم نجد شيئا، فجمع أبي رملا ووضع رأسه عليه ورأيت عينيه قد انقلبتا فبكيت فقلت له يا أبة كيف اصنع بك وأنا وحيدة؟ فقال يا بنيتي لا تخافي فاني إذا مت جاءك من أهل العراق من يكفيك أمري فاني أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك فقال لي يا أبا ذر تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك وتدخل الجنة وحدك يسعد بك أقوام من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك ودفنك، فإذا أنا مت فمدي الكساء على وجهي ثم اقعدي على طريق العراق فإذا أقبل ركب فقومي إليهم وقولي هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد توفي. قالت فدخل اليه قوم من أهل الربذة فقالوا يا أبا ذر ما تشتكي؟ قال ذنوبي! قالوا فما تشتهي؟ قال رحمة ربي! قالوا هل لك بطبيب؟ قال الطبيب أمرضني. قالت ابنته فلما عاين سمعته يقول: مرحبا بحبيب أتى على فاقة لا أفلح من ندم اللهم خنقني خناقك فوحقك انك لتعلم اني أحب لقاءك. قالت ابنته: فلما مات مددت الكساء على وجهه ثم قعدت على طريق العراق، فجاء نفر فقلت لهم يا معشر المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد توفي! فنزلوا ومشوا يبكون فجاءوا فغسلوه وكفنوه ودفنوه، وكان فيهم الأشتر فروي أنه قال دفنته في حلة كانت معي قيمتها أربعة آلاف درهم.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما ورضي الله عن أصحابه الصالحين والتابعين لهم باحسان وتابعي التابعين وعن العلماء والصلحاء من سلف منهم ومن غبر إلى يوم الدين.
وبعد فيقول العبد الفقير إلى عفو ربه الغني محسن ابن المرحوم السيد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي الشقرائي نزيل دمشق الشام عامله الله بفضله ولطفه وعفوه. هذا هو الجزء السابع عشر من كتابنا (أعيان الشيعة) في بقية حرف الجيم وما بعده وفقنا الله تعالى لاكماله ومنه تعالى نستمد المعونة والهداية والتوفيق والعصمة والتسديد انه سميع مجيب وهو حسبنا ونعم الوكيل.
جندب بن جنادة الكوفي ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق (ع).
جندب بن حجير ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الحسين (ع) وفي الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدسة: السلام على جندب بن حجير الخولاني وفي أبصار العين جندب بن حجير الكندي الخولاني كان من وجوه الشيعة وكان من