لولا أحاديث أبقتها أوائلنا * من السدى والندى لم يعرف السمر فلو كانت نسبته إلى طئ باطلة لما سكت عنه أخصامه وحساده وهم كثيرون فكانوا يظهرون للملأ بطلان نسبه ولم يقتصر الأمر على روايته عن قوم مجهولين لا يعرف من هم كما مر وأنساب العرب كانت في ذلك العصر محفوظة معلومة لا يمكن لاحد ان يدعي منها نسبا كاذبا ولا شئ أعجب من نسبة الآمدي ذلك إلى أكثر الناس فان المنسوب اليه ذلك مجهول ومنه يتطرق الشك إلى وجود القائل بذلك فضلا عن أن يكون رأي أكثر الناس.
صفته قال ابن عساكر وابن خلكان كان أبو تمام أسمر طويلا فصيحا حلو الكلام فيه تمتمة يسيرة وقال الصولي في أخبار أبي تمام حدثني عون بن محمد قال كان أبو تمام طوالا وكانت فيه تمتمة يسيرة وكان حلو الكلام فصيحا كان لفظه لفظ الأعراب. حدثني علي بن الحسن الكاتب قال رأيت أبا تمام وأنا صبي صغير فكان أسمر طويلا. حدثني أحمد بن يزيد المهلبي قال كنت جالسا مع ابن عتاب فمر بنا رجل من الكتاب فجلس الينا وكان فصيحا مليح الحديث فقال لي ابن عتاب ما رأيت رجلا أشبه لفظا بأبي تمام من هذا الا حبسة قليلة كانت في لسان أبي تمام (اه) ويأتي عن نزهة الألباء أنه كان موصوفا بالظرف وحسن الاخلاق وكرم النفس ووصفه أبو توبة الشيباني فيما يأتي من أخباره مع خالد بن يزيد الشيباني بأنه كثير الفكاهة حسن الحديث وقال خالد بن يزيد ما رأيت أحسن بيانا منه ولا أفصح لسانا وفي معاهد التنصيص كان في لسانه حبسة وفي ذلك يقول ابن المعذل أو أبو العميثل:
يا نبي الله في الشعر * ويا عيسى بن مريم أنت من أشعر خلق الله * ما لم تتكلم أقوال العلماء فيه ذكره النجاشي في رجاله فقال حبيب بن أوس أبو تمام الطائي كان اماميا وله شعر في أهل البيت كثير وذكر أحمد بن الحسين رحمه الله - هو ابن الغضائري - أنه رأى نسخة عتيقة قال لعلها كتبت في أيامه أو قريبا منها وفيها قصيدة يذكر فيها الأئمة حتى انتهى إلى أبي جعفر الثاني - وهو الجواد عليه السلام - لأنه توفي في أيامه وقال الجاحظ في كتاب الحيوان وحدثني أبو تمام الطائي وكان من رؤساء الرافضة (اه) رجل النجاشي قوله توفي في أيامه أي توفي الجواد في أيام أبي تمام لأن الجواد توفي سنة 220 ووفاة أبي تمام على الأقل سنة 228 كما عرفت وذكر العلامة في الخلاصة مثله إلى قوله الرافضة. وفي أمل الآمل حبيب بن أوس أبو تمام الطائي العاملي الشاعر المشهور كان شيعيا فاضلا أديبا منشئا (اه) وتبعه بعض المعاصرين في كتاب له في التراجم فوصفه بالعاملي ولم يكن عامليا بل أصله من جاسم من قرى الجيدور كما مر وذكر صاحب أمل الآمل له في علماء جبل عامل ووصفه له بالعاملي توسع كذكر الكركي وغيره فيهم وذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المتقين غير المجاهرين لكن رائيته الآتية وغيرها تجعله من المجاهرين أو القريبين منهم. وأورد له في المناقب شعرا يذكر فيه الأئمة عليهم السلام إلى القائم المهدي وسيأتي وذكره الشريف المرتضى عرضا في خطبة كتابه الشهاب في الشيب والشباب مع البحتري فقال وللفحلين المبرزين الطائيين أبي تمام وأبي عبادة البحتري في هذا المعنى - أي الشيب والشباب - ما يغبر في الوجوه سبقا لا سيما البحتري إلى آخر ما قال وقد اقتصر المرتضى في هذا الكتاب على نقل ما نظم في هذا المعنى من أربعة دواوين ديواني الطائيين وديوان أخيه الرضي وديوانه وأعرض عما سوى ذلك مع كثرته في شعر الشعراء المحدثين كثرة مفرطة. وفي الأغاني: أبو تمام حبيب بن أوس الطائي من نفس طئ صليبة شاعر مطبوع لطيف الفطنة دقيق المعاني غواص على ما يستصعب منها ويعسر متناولة على غيره وله مذهب في المطابق هو كالسابق اليه جميع الشعراء وان كانوا قد فتحوه قبله وقالوا القليل منه فان له فضل الاكثار فيه والسلوك في جميع طرقه (اه) والمطابق ويسمى المطابقة والطباق نوع من أنواع البديع وهو الجمع بين معنيين متقابلين كقول زهير:
ليث بعثر يصطاد الرجال إذا * ما كذب الليث عن أقرانه صدقا وسنذكر ما أتى به أبو تمام من الطباق وغيره عند الكلام على شعره ووصفه الشريف المرتضى في أماليه بالفحل المبرز فقال عند ذكر ما قيل من الشعر في الشيب: وقد أتى الفحلان المبرزان أبو تمام وأبو عبادة في هذا المعنى - أي الشيب - بكل غريب عجيب (اه) وقال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: حبيب بن أوس أبو تمام الطائي الشاعر شامي الأصل كان بمصر في حداثته يسقي الماء في المسجد الجامع ثم جالس الأدباء فأخذ عنهم وتعلم منهم وكان فطنا فهما وكان يحب الشعر فلم يزل يعانيه حتى قال الشعر فأجاد وشاع ذكره وسار شعره وبلغ المعتصم خبره فحمله اليه وهو بسر من رأى فعمل أبو تمام فيه قصائد عدة وأجازه المعتصم وقدمه على شعراء وقته وقدم إلى بغداد فجالس بها الأدباء وعاشر العلماء وكان موصوفا بالظرف وحسن الأخلاق وكرم النفس (اه) ومثله بعينه في نزهة الألباء. وكما مدح المعتصم بعدة قصائد فقد مدح المأمون قبله بقصيدة واحدة موجودة في ديوانه لكن قيل إن نسبة مدح المأمون اليه غلط ومدح الواثق أيضا كما في ديوانه وقال ابن خلكان في تاريخه أبو تمام حبيب بن أوس الشاعر المشهور كان واحد عصره في ديباجة لفظه ونصاعة شعره وحسن أسلوبه ومدح الخلفاء وأخذ جوائزهم وجاب البلاد وقال العلماء خرج من قبيلة طئ ثلاثة كل واحد منهم مجيد في بابه حاتم الطائي في جوده وداود بن نصير الطائي في زهده وأبو تمام حبيب بن أوس الطائي في شعره قال وأصل أبي تمام من جاسم قرية من بلاد الجيدور من أعمال دمشق بين دمشق وطبرية ونشأ بمصر قيل إنه كان يسقي الناس ماء بالجرة في جامع مصر وقيل كان يخدم حائكا يعمل عنده بدمشق واشتغل وانتقل إلى أن صار منه ما صار (اه) وفي أنساب السمعاني قيل خرج من طئ ثلاثة لا نظير لهم إلى آخر ما مر وقال ابن رشيق في العمدة ليس في المولدين أشهر اسما من الحسن (أي أبي نواس ثم من حبيب والبحتري ويقال إنهما أخملا في زمانهما خمسمائة شاعر كلهم مجيد (اه) وذكره ابن النديم في فهرسته وذكر مؤلفاته وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق: حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس بن الأشبح يتصل نسبه بعمرو بن طئ أبو تمام الطائي الشاعر من أهل قرية جاسم من حوران مدح الخلفاء والأمراء فأحسن (اه) ثم حكى عن الخطيب في تاريخ بغداد انه روى بسنده إلى ابن أبي طاهر أخبرني يحيى بن صالح قال رأيت أبا تمام في دمشق غلاما يعمل مع قزاز كان أبوه خمارا بها (اه) ولم أجد ذلك في تاريخ بغداد للخطيب. وفي خزانة الأدب ولد بجاسم ونشأ