شطر الشئ: جانبه وناحيته، وقد يراد بالشطر نصف الشئ كشاطرتك مالي، وذلك من أقبح شياة الأبلق، ولم يرده أبو تمام وإنما أراد بالشطر هنا البعض أو الجزء، وقد جعله أبو تمام في أول الأبيات أشعل ثم جعله هنا أبلق، فهذا الفرس هو الأشعل الأبلق على مذهبه في هذا التشبيه، ولا ينكر مثل هذا من ابتداعاته (اه). (وأقول) صرح صاحب القاموس بأن الشطر يطلق على الجزء، قال ومنه حديث الاسراء فوضع شطرها أي بعضها (اه) يعني الصلاة. 50 - ومما يمكن أن يعاب على أبي تمام قوله في غزل قصيدة يمدح بها محمد بن الهيثم بن شبابة:
وقالوا نكاح الحب يفسد شكله * وكم نكحوا حبا وليس بفاسد فان ذكر مثل ذلك زيادة على كونه من المجون السخيف في مدح رجل عظيم، غير لائق ولا مناسب. ومما يعاب عليه أيضا قوله في هذه القصيدة يذكر الممدوح:
فوا كبدي الحرى ووا كبد الندى * لأيامه لو كن غير بوائد وهيهات ما ريب الزمان بمخلد * غريبا ولا ريب الزمان بخالد فمثل هذا مما يتشاءم به ولا يليق ذكره في المدائح.
اللحن الثاني - من الأمور التي عيبت على أبي تمام وقوع اللحن في كلامه في مواضع (أحدها) قوله:
ثانيه في كبد السماء ولم يكن * لاثنين ثان إذ هما في الغار أي أن بابك ثاني مازيار في كبد السماء حين صلب إلى جانبه ولم يكن ثانيا لاثنين إذ هما في الغار بل ثانيا لمازيار فقال ثان والصواب ثانيا لأنه خبر يكن (والجواب) إن تسكين المنقوص المنصوب جائز في الشعر.
(ثانيها) قوله:
شامت بروقك آمالي بمصر ولو أضحت على الطوس لم تستبعد الطوسا فأدخل آل على طوس وهي اسم بلدة معروفة. والذي في الديوان:
شامت بروقك آمالي بمصر ولو * أضحت بطوس لما قصرت عن طوسا ويخشى أن تكون رواية البيت على الوجه الأول تحريفا من الرواة فبنوا اعتراضهم على التحريف كما أشار إليه الصولي في بعض ما نقلناه عنه من الكلام، ولم يكن ليخفى على أبي تمام أن طوس علم لا تدخله ال وهو يعد من علماء العربية كما مر.
(ثالثها) قوله:
إحدى بني بكر بن عبد مناه * بين الكثيب الفرد والأمواه وإنما هي مناة في الادراج كما في قوله تعالى (ومناة الثالثة الأخرى) وإنما تكون بالهاء في الوقف لا في الحركة والدرج.
(رابعها) قوله:
لم يجتمع أمثالها في موطن * لولا صفات في كتاب الباه وإنما هي الباءة بالمد بوزن الباعة، وإن كان قد حكي الباه في بعض اللغات الرديئة، والردئ لا يعتد به. ويرده قول صاحب القاموس الباه كالجاه النكاح.
(خامسها) قوله:
فكم لي من هواء فيك صاف * عذي جوه وهوى وبي فقال عذي وهو عذ بالتخفيف.
(سادسها) قوله (على الأعادي ميكال وجبريل) فأوقع الاعراب على الأعادي وذلك غير جائز. وهذا البيت لم أجده في الديوان.
(سابعها) قوله:
ستين ألفا وسبعينا ومثلهما كتائب الخيل تحميها الأراجيل فنون النون من سبعين وهذا لا يسوغه محدث وهذا البيت أيضا لم أجده في ديوانه.
(ثامنها) قوله:
صلتان أعداؤه حيث كانوا في حديث من ذكره مستفاض فقال: مستفاض وإنما هو مستفيض. وأجيب عنه بأن المراد مستفاض فيه.
المعاظلة الثالث - مما عيب على أبي تمام (المعاظلة) وهي مداخلة الكلام بعضه في بعض وركوب بعضه لبعض كقولهم: تعاظل الجراد وتعاظلت الكلاب، قال الآمدي ومن المعاظلة شدة تعليق الشاعر ألفاظ البيت بعضها ببعض وأن يداخل لفظة من أجل لفظة تشبهها وإن اختل المعنى بعض الاختلال كقول أبي تمام:
خان الصفاء أخ خان الزمان أخا * عنه فلم يتخون جسمه الكمد يريد خان الصفاء أخ خان الزمان أخا من أجله إن لم يتخون جسمه الكمد. وقوله:
يا يوم شرد يوم لهوي لهوه * بصبابتي وأذل عز تجلدي وقوله:
يوم أفاض جوى أغاض تعزيا * خاض الهوى بحري حجاه المزبد حوشي الكلام الرابع - مما عيب على أبي تمام تتبعه حوشي الكلام أي غريبه وإدخاله في شعره. وهذا كثير في شعره يطلع عليه المتتبع. وأبو تمام لالفه طريقة العرب الأول وحفظه ومطالعته أكثر شعرهم سلك مسالكهم في كثير من تراكيبه وأتى بألفاظهم الغريبة، وكان لإلفه لها وسعة اطلاعه لا يراها غريبة وإن كانت غريبة عندنا، فاستعمال أكثرها لا يعاب عليه كما لا يعاب على العرب الأول، كما نبهنا عليه مرارا. ونحن نذكر هنا نماذج كثيرة من تراكيبه التي سلك فيها مسلك العرب وبعض ألفاظه الغريبة بدون استقصاء فهو يقول في مطلع قصيدته التي يمدح بها أهل البيت عليهم السلام: أظبية حيث استنت الكثب العفر * رويدك لا يغتالك اللوم والزجر أسري حذارا أن تعيدك ردة * ويحسر ماء من محاسنك الهذر أراك خلال الأمر والنهي بوة * عداك الردى ما أنت والنهي والأمر