عوف: فسالت عكرمة عن ذلك الكتاب فلم يعرفه اه. وفي الاتقان أيضا قال ابن حجر وقد ورد عن علي أنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم - اخرجه ابن أبي داود اه. واخرج أبو نعيم في الحلية والخطيب في الأربعين من طريق السدي عن عبد خير عن علي قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقسمت أو حلفت ان لا أضع ردائي على ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين فما وضعت ردائي حتى جمعت القرآن اه. وفي فهرست ابن النديم بسنده عن عبد خير عن علي عليه السلام انه رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاقسم أن لا يضع على ظهره رداءه حتى يجمع القرآن فجلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه، وكان المصحف عند أهل جعفر اه. وفي مناقب ابن شهرآشوب في اخبار أهل البيت عليهم السلام أن عليا (ع) آلى ان لا يضع رداءه على عاتقه إلا للصلاة حتى يؤلف القرآن ويجمعه فانقطع عنهم مدة إلى أن جمعه - الحديث. وقال ابن شهرآشوب في المناقب أيضا: ذكر الشيرازي - امام أهل السنة في الحديث والتفسير في نزول القرآن وأبو يوسف يعقوب في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى (ان علينا جمعه وقرآنه) قال:
ضمن الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أن يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب، قال ابن عباس: فجمع الله القرآن في قلب علي وجمعه علي بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بستة أشهر. قال: وفي أخبار أبي رافع ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في مرضه الذي توفي فيه لعلي: يا علي هذا كتاب الله خذه إليك، فجمعه علي في ثوب فمضى به إلى منزله، فلما قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم جلس علي فألفه كما أنزله الله وكان به عالما. قال: وحدثني أبو العلاء العطار والموفق خطيب خوارزم في كتابيهما بالاسناد عن علي بن رباح ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر عليا بتأليف القرآن فألفه وكتبه اه. وقال ابن شهرآشوب في المعالم: الصحيح أن أول من صنف في الاسلام علي عليه السلام جمع كتاب الله جل جلاله.
وفي عدة الرجال بعد نقل هذا عن المعالم: كأنه انما عد جمع القرآن المجيد في التصنيف لأنه أراد بالتصنيف مطلق التاليف، أو لأنه - عليه السلام - لم يقتصر فيما جمع وجاءهم به على التنزيل، بل ضم اليه البيان والتأويل فكان أعظم مصنف اه. فظهر من مجموع ما تقدم ان أول جمع للقرآن كان في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وان أول من جمعه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو علي بن أبي طالب، وان هذا القرآن كان عند أهل البيت حتى انتهى إلى آل جعفر، كما مر عن ابن النديم، ولا يدري انهم آل جعفر الطيار أو آل جعفر الصادق والظاهر الثاني، وهذا القرآن لم يحرق فيما أحرقه عثمان من المصاحف لأنه كان محفوظا عند أهل البيت لم ينشر بين الناس.
المراسلة بينه وبين أبي ذر في كتاب مخطوط من مؤلفات أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي عندنا منه قطعة ذهب منها أوله وآخره فلم نعرف اسمه، قال أبو مخنف حدثني الصلت عن زيد بن كثير عن أبي أمامة قال: كتب أبو ذر إلى حذيفة بن اليمان يشكو اليه ما صنع به عثمان وذكر الكتاب، فكتب اليه حذيفة، وذكر الجواب، وقد مر الكتاب والجواب كلاهما في ترجمة أبي ذر في الجزء السادس عشر (1).
ولاؤه وتشيعه لأمير المؤمنين علي وأهل البيت عليهم السلام يدل عليه ما مر في روايات الكشي عند ذكر أقوال العلماء فيه المتضمنة عد علي عليه السلام إياه من السبعة الذين بهم ينصرفون وبهم يمطرون، وانه من جملة الذين صلوا على فاطمة عليها السلام، وانه من الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام إلى غير ذلك مما تضمنته تلك الأخبار ، ويدل عليه أيضا ما مر وما يأتي من أخباره عند ذكر توليته المدائن، وما يأتي من قوله علي عليه السلام، وقوله لما حضره الموت، وقال الحاكم في المستدرك: حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا أبو محمد الزبيري حدثنا العلاء بن صالح عن عدي بن ثابت عن أبي راشد قال: لما جاءت بيعة علي إلى حذيفة قال: لا أبايع بعده الا أصعر أو أبتر الاصعر والأبتر المعرض عن الحق والذاهب بنفسه والذليل. ومر ايصاؤه ابنيه بملازمة أمير المؤمنين عليه السلام وقتلهما معه بصفين. وفي شرح النهج: قال حذيفة بن اليمان لو قسمت فضيلة علي عليه السلام بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين بأجمعهم لوسعتهم. وقد روى المفيد في الارشاد وابن أبي الحديد في شرح النهج خبرا عن حذيفة في شان وقعة الأحزاب يدل على معرفته فضل أمير المؤمنين عليه السلام حق معرفتها وعدم مخالطة قلبه بشئ من الشوائب، وبين الروايتين تفاوت، ونحن نجمع بينهما فنذكر ما في شرح النهج ثم التفاوت الذي في رواية المفيد قال المفيد وابن أبي الحديد: روى قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن ربيعة بن مالك السعدي قال: اتيت حذيفة بن اليمان فقلت: يا أبا عبد الله ان الناس يتحدثون عن علي بن أبي طالب ومناقبه فنقول لهم فيقول لنا أهل البصرة: انكم لتفرطون في تقريظ هذا الرجل (انكم تفرطون في علي)، فهل أنت محدثي بحديث عنه (فيه) أذكره للناس؟
فقال حذيفة: يا ربيعة وما الذي تسألني عن علي؟ وما الذي أحدثك عنه!؟ والذي نفس حذيفة بيده لو وضع جميع أعمال أمة (أصحاب) محمد صلى الله عليه وآله وسلم في كفة الميزان منذ بعث الله تعالى محمدا إلى يوم الناس هذا ووضع عمل واحد من اعمال علي في الكفة الأخرى لرجح على أعمالهم كلها!!. فقال ربيعة: هذا المدح الذي لا يقام له ولا يقعد ولا يحمل اني لأظنه اسرافا يا أبا عبد الله فقال حذيفة: يا لكع وكيف لا يحمل وأين كان المسلمون يوم الخندق وقد عبر إليهم عمرو وأصحابه فملكهم الهلع والجزع ودعا إلى المبارزة فأحجموا عنه حتى برز اليه علي فقتله! والذي نفس حذيفة لعمله ذلك اليوم أعظم أجرا من أعمال أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا اليوم والى ان تقوم القيامة. وفي رواية المفيد: فقال حذيفة يا لكع كيف لا يحمل وأين كان أبو بكر وعمر وحذيفة وجميع أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم عمرو بن عبد ود وقد دعا إلى المبارزة فأحجم الناس كلهم ما خلا عليا فإنه برز اليه وقتله الله على يده الخ. وفي الدرجات الرفيعة: روي أن عليا عليه السلام لما أدرك عمرو بن ود لم يضربه فوقع الناس في علي فرد عنه حذيفة فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
يا حذيفة ان عليا سيذكر سبب وقفته، ثم إنه ضربه فلما جاء سأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، فقال قد كان شتم أمي وتفل في وجهي فخشيت ان أضربه لحظ نفسي فتركته حتى سكن ما بي ثم قتلته في الله. قال صاحب الدرجات الرفيعة: وانما ذكرنا هذا الحديث ليعلم به من اخلاص حذيفة لأمير المؤمنين عليه السلام من زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفي الدرجات أيضا: روى أبو مخنف، قال: لما بلغ حذيفة بن اليمان ان عليا عليه السلام قد قدم ذا قار واستنفر الناس دعا أصحابه فوعظهم و ذكرهم الله وزهدهم في الدنيا