أخذه من قول عقيق بن سليك العامري (سقاك الغيث إنك كنت غيثا) وقال أبو تمام:
أمن بعد طي الحادثات محمدا * يكون لأثواب العلى أبدا نشر اخذه من قول أبي نواس:
طوى الموت ما بيني وبين محمد * وليس لما تطوي المنية ناشر وقال أبو تمام:
عمري لقد نصح الزمان وإنه * لمن العجائب ناصح لا يشفق اخذه من قول المخبل:
ولا يعدم الغاوي على الغي لائما * وإن هو لم يشفق عليه يلوم وقال أبو تمام:
من شرد الاعدام عن أوطانه * بالبذل حتى استطرف الاعدام اخذه من قول الأعشى:
هم يطردون الفقر عن جارهم * حتى يرى كالغصن الناضر وقال أبو تمام:
حلفت إن لم تثبت أن حافره * من صخر تدمر أو من وجه عثمان أخذه من قول الآخر:
لو كان حافر برذوني كأوجهكم * بني بديل لما أنعلته أبدا انتهى ما أورده الآمدي من مآخذ أبي تمام.
ما نسب فيه السرقة لأبي تمام ونفاها الآمدي قال الآمدي:
ومما نسبه فيه ابن أبي طاهر إلى السرقة وليس بمسروق لأنه مما يشترك فيه الناس والمعنيان مختلفان قول أبي تمام:
ألم تمت يا شقيق الجود من زمن * فقال لي لم يمت من لم يمت كرمه فقال: أخذه من قول العتابي:
ردت صنائعه إليه حياته * فكأنه من نشرها منشور قال الآمدي: وهذا لا يقال له مسروق، لأنه قد جرى في عادات الناس إذا مات الرجل من أهل الخير والفضل أن يقولوا: ما مات من خلف الثناء وذلك شائع في كل أمة وفي كل لسان. وقال أبو تمام إذا عنيت بشئ خلت أني قد * أدركته أدركتني حرفة الأدب وقال: أخذه من الجريمي حيث يقول:
أدركتني بذاك أول دائي * بسجستان حرفة الآداب قال الآمدي: وحرفة الأدب لفظة قد اشترك الناس فيها وكثرت على الأفواه حتى أن واحدا يستعملها من آخر، ولم يقل أبو تمام (أدركتني حرفة الأدب)، إنما قال: أدركتني حرفة العرب. (أقول) الموجود في الديوان:
(أدركتني حرفة الأدب). وقال ابن طاهر في قوله:
لو يعلم العافون كم لك في الندى * من لذة وقريحة لم تحمد أخذه من قول بشار:
ليس يعطيك للرجاء ولا الخو * ف ولكن يلذ طعم العطاء قال الآمدي:
وما أخاله احتذى في هذا البيت على قول بشار لأن بشارا قال ليس يعطيك رغبة في جزاء يرجوه ولا خوفا من مكروه ولكن لالتذاذه العطية، وأراد أبو تمام أن الطالبين لو علموا التذاذه الندى لم يحمدوه، والمعنيان إنما اتفقا في طريق التذاذ الممدوح بعطائه فقط، وهذا ليس من بديع المعاني الذي يختص بها شاعر، فيقال إن واحدا أخذ من الآخر (اه) (وأقول) الذي يلوح لي أن البيت منتقد من وجه آخر في قوله (لم تحمد) فان كون العطاء يقع منه عن لذة وقريحة لا يوجب عدم الحمد عليه.
وقال - أي ابن أبي طاهر - في قوله يمدح مالك بن طوق:
لم يألكم مالك صفحا ومغفرة * لو كان ينفخ قين الحي في فحم أخذه من قول الأغلب:
قد قاتلوا لو ينفخون في فحم * ما جبنوا ولا تولوا من أمم وهذا معنى شائع من معاني العرب يقولون قد فعلت كذا لو اجتهدت في كذا أو لو كنت تنفخ في فحم لأن النفخ في فحم ليس كالنفخ في الحطب والصواب أن يقال ليس كالنفخ في الرماد وقال أي ابن أبي طاهر في قوله (والموت خير من سؤال سؤول) أخذه من قول محمود:
وارغب إلى ملك الملوك ولا تكن * بادي الضراعة طالبا من طالب قال الآمدي: ومثل هذا لا يكون مسروقا، لأنه جار على الألسن أن يقال وقع سائل على سائل ومجتهد على مجتهد ووقع البائس على الفقير وأمثاله. وقال في قوله:
همة تنطح النجوم وجد * آلف للحضيض فهو حضيض أخذه من قول أعرابي:
همة قد علت وقدرته * في اللحد بين الثرى مع الكفن قال الآمدي: وهذا أيضا من المعاني المشتركة الجارية في العادة أن يقولوا: همته في علا وجده في سفال وهمته ناطقة وجده أخرس وهمته ذات حراك وجده ساكن وهمة فلان ترفعه وجده يضعه وما أشبهه. وقال في قوله.
يقبل الركن ركن البيت نافلة * وظهر كفك معمور من القبل أخذه من قول عبد الله بن طاهر:
أعلت له ذكره مكأفاة * بأن توالى في ظهرها القبل قال الآمدي: وليس بين المعنيين اتفاق إلا بذكر قبل الكف، وهذا ليس من المعاني المبتدعة، لأن الناس أبدا يقولون: ما خلق وجهه إلا للتحية وكفه إلا للقبل كما قال دعبل:
فباطنها للندى * وظاهرها للقبل وقال في قوله:
نظرت فالتفت منها إلى * أحلى سواد رأيته في بياض أخذه من قول كثير:
وعن نجلاء تدمع في بياض * إذا دمعت وتنظر في سواد قال الآمدي وليس بين المعنيين اتفاق إلا بذكر البياض والسواد، والألفاظ غير محظورة. وأبو تمام أراد بالسواد والبياض سواد العين وبياضها، وكثير أراد بالبياض بياض الخد، وهذا غير ذاك، وقال في قوله:
كم من يد لك لولا ما أخففها * به من الشكر لم تحمل ولم تطق