الصواب فيها كذا: وزارة أبي الفتح بن جعفر بن الفرات. والله أعلم.
وفي كتاب تجارب الأمم لمسكويه جملة من أخبار أبي الخطاب بن أبي العباس ابن الفرات والظاهر أن المراد به المترجم فقد عرفت ان ابن خلكان كناه أبا الخطاب. وله أخ يسمى العباس فالظاهر أن أباه محمدا يكنى أبا العباس ولكن في حاشية تجارب الأمم عن تاريخ الاسلام انه في سنة 338 توفي العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات أبو الخطاب والد المحدث أبي الحسن وكان صدرا نبيلا أريد على الوزارة فامتنع تدينا اه فكناه أبا الخطاب وذكر امتناعه عن الوزارة وهما من مميزات المترجم فلعله وقع خطأ في النقل وتحريف أو هذا رجل آخر، قال مسكويه في تجارب الأمم في حوادث سنة 321 كان أبو علي بن مقلة يعادي أبا الخطاب بن أبي العباس بن الفرات ولم يكن يجد إلى القبض عليه طريقا ديوانيا لأنه كان ترك التصرف عشرين سنة ولزم منزله وقنع بدخل ضيعته وكان سبب عداوة أبي علي له انه كان استسعفه أيام نكبته فاعتذر بالإضافة ولم يسعفه، ثم أن أبا الخطاب طهر أولاده فتجمل كما يتجمل مثله ودعا أولاد أبي علي بن مقلة فشاهدوا مروة تامة وآلات جليلة وصياغات كثيرة وكان بعضها عارية فانصرفوا وحدثوا أباهم الحديث وعظموا وكثروا وصار أبو الخطاب بن أبي العباس ابن الفرات إلى الوزير أبي علي بن مقلة على رسمه يوم الموكب للسلام عليه فقبض عليه وارسل الوزير أبو علي بن مقلة إليه وسائط وطالب بثلاثمائة ألف دينار فقال أبو الخطاب بما ذا يتعلق الوزير علي وقد تركت التصرف منذ عشرين سنة ولما تصرفت كنت عفيفا سليما ما آذيت أحد ولي على الوزير حقوق وليس يحسن به ان يتناساها مع اشتهاره بالكرم فقولوا له هل طالبتك برعايتها أو بالمجازاة على ما أسلفتك في أوقات انحراف الزمان عنك أو سالتك ولاية أو احسانا في معاملة وهل من الجميل إذا رفهتك من هذا كله ان لا أجد عندك سلامة في نفسي فيما قد ركبته مني مما إذا صدقت نفسك خفت العقوبة من الله عز وجل ثم قبح الأحدوثة من الناس اما ما ظننته عندي فما الأمر كما وقع لك لأن هذا المال ان كان موروثا عن أبي رحمه الله فلست وارثه وحدي ولو كان لاقتسمناه ونحن عدة فلم يكن بد من أن يشيع ويعرف خبره وان ظننته من كسبي فتصرفي وما وصل إلي منه معروف وما خفيت عنك نزارته وان ظننته من استغلال فما استغله مقسوم بين الورثة وان رجعت إليهم بالمسألة لم تجد ما يخصني في زمان تصرفي الا بعض ما أتصرف إلى مؤونتي ومروءتي وقد خلف الوزراء الأكابر أولادا مثلي في كفايتي ودوني فهل رأيتني الا في طريق التسليم وراضيا بامتداد ستر الله تعالى والزهد في هذه الدنيا؟ فأي شئ تقول لله تبارك اسمه ثم لعباده إذا أساءت إلي؟ فلما أعيد هذا الكلام على ابن مقلة خجل وتبلد وتحير ثم قال: هذا يدل علي بالفراتية وأمير المؤمنين ليس يمكنني من رعاية حقوق أمثاله وانا أنفذه إلى الخصيبي فإنه اعرف بدوائه، والخصيبي هو أحد الوزراء الذين كانوا قبله ثم إن أبا علي بن مقلة استدعى الخصيبي وسلمه اليه بعد ان اضطره إلى كتب خطه بثلاثمائة ألف دينار يصححها في مدة عشرين يوما فاحضر له الخصيبي صاحب الشرطة وجرده وضربه عشر درر وخلع تخليعا يسيرا ثم ضربه بالمقارع فأقام على أنه لا مال له وان ضياعه قد وقفها ولا يمكنه بيعها فاستعفى الخصيبي منه ورده إلى دار ابن مقلة فحبسه ثم سلمه إلى المعروف بابن الجعفري النقيب واحضره له غلاما من غلمان القاهر وذكر له انه قد امر بضرب عنقه ان لم يؤد صدرا من المال فما زال يعللهم إلى آخر الوقت ولم يؤد شيئا، فلما حضر الوقت احضره السيف وشد رأسه وعينيه فقال له أبو الخطاب: وجهني رحمك الله إلى القبلة فوجهه فبادر بالخبر ابن الجعفري إلى ابن مقلة فقال ابن مقلة: لا يجوز ان يكون بعد هذا شئ فاخذه ابن مقلة وسلمه إلى حاجبه وأمره ان يعتقله فأقام فيه يومين وحضر أبو يوسف البريدي فشكا اليه ابن مقلة ما أقام عليه أبو الخطاب من التجلد ووسطه بينه وبينه فصار اليه أبو يوسف وقرر امره على عشرة آلاف دينار فحلف أبو الخطاب الا يؤدي منها درهما ولو قتل أو يطلق إلى منزله فوجه اليه ابن مقلة بخلعه من ثيابه وحمله على دابة بمركب واستدعاه ووثب اليه حتى كاد ان يقوم له ثم قال له: كثر علي الخليفة في امرك وعزيز علي ما لحقك فامض مصاحبا إلى منزلك.
فانصرف وأدى المال في مدة عشرة أيام وأطلق ضياعه وأملاكه اه فانظر إلى اي حد بلغت حالة الخلافة الاسلامية وحالة وزرائها.
الشيخ جعفر ابن الشيخ محمد الملقب بالديزي ابن الشيخ موسى ابن الشيخ عيسى ابن الشيخ حسين ابن الشيخ خضر النجفي ولد سنة 1252 وتوفي في كرمانشاه (قرميسين) سنة 1301 أو 1302 ونقلت جنازته إلى النجف.
وهو قسيم آل الشيخ جعفر الكبير صاحب كشف الغطاء في قعدد النسب فان جد جده الشيخ حسين هو أخو الشيخ جعفر الكبير والدهما معا الشيخ خضر ويعرف هؤلاء بال الملقب ونسب نفسه كما وجدناه بخطه كما يأتي هكذا جعفر بن محمد بن عيسى أخي الشيخ جعفر النجفي اه وفيه اختصار كان أديبا شاعرا انفذ أكثر عمره في الأسفار إلى بلاد إيران يأتي إلى مسقط رأسه النجف ثم يسافر منها وفي احدى سفراته إلى كرمانشاه تزوج بها وأقام فيها إلى أن مات ولم يخلف غير بنت واحدة وسافر مرة إلى تبريز ونزل في دار الميرزا أحمد امام الجمعة المعروف بالمجتهد فدعي الميرزا أحمد إلى وليمة عند بعض التجار ومعه المترجم فلما جلسوا جاء التاجر بشطب من عود الياسمين للتدخين وفي رأسه قطعة من الكهرباء ثمينة تسمى في العراق امامة فوقع نظر المترجم عليها وفكر في طريقة توصله إلى استيهابها فلما وضعت المائدة وأكلوا أنشد المترجم بيتين نظمهما فقال:
ومائدة أكلناها فكانت * لنا عيدا مدى أمد البقاء ومجتهد الزمان بنا كعيسى * فانزلها الاله من السماء فاستحسنهما المجتهد وأمر التاجر للمترجم بجائزة فقال جائزتي الإمامة فوهبها له مع الشطب. وفي بعض المسودات على ظهر ترجمة الشيخ جعفر هذا وأخيه الشيخ محسن الآتي لبعض أفاضل العراق ان السيد حيدر الحلي رثى أحد علماء آل القزويني وجاء مع أدباء الحلة إلى النجف وقد جودوا قصائدهم واستفرغوا الروية فيها لمكان المنافسة بين أدباء المصرين فأنشدت قصيدة السيد حيدر التي أولها:
وجدك ما خلت الردى منك يقرب * لأنك في صدر الردى منه أهيب وذلك في ناد انعقد على أشهر أئمة الأدب في العراق وكان أدباء النجف لم يستعيدوا أبيات القصيدة كثيرا فامتعض لذلك أدباء الفيحاء فنهض المترجم وقال مخاطبا السيد حيدر وأنشد:
أخرستني وتقول ما لك صامتا * وأمتني وتقول ما لك لا تعي فسري عن أدباء الفيحاء وحفظ له هذا الصنيع الا ان الذي يظهر من المسودة أن هذه الحكاية مع الشيخ محسن ومن شعره قوله من قصيدة يهنئ بها أخاه الشيخ محسن ابن الشيخ محمد بعرس أخيه الشيخ حسن ابن الشيخ محمد هكذا استفدناه من نسخة لم تستثبت صحتها: