اخباره مع خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني هو خالد بن يزيد بن مزيد بن زائدة بن مطر بن شريك بن قيس بن شراحيل بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان وهو من الامراء الممدحين ولاه المأمون الموصل وضم إليها ديار ربيعة كلها ولما انتقض أمر أرمينية وجهه الواثق إليها فمات في الطريق ولأبي تمام فيه عدة مدائح ولما مات رثاه بعدة مراث وله معه أخبار ذكرنا بعضها عند الكلام على من نسب أبا تمام إلى التهاون بالدين وبعضها عند ذكر أخبار أبي تمام مع أحمد بن أبي دؤاد ونذكر هنا ما لم يذكر في الموضعين ففي اخبار أبي تمام للصولي حدثني عبد الله بن إبراهيم المسمعي القيسي حدثني أبي حدثني أبو توبة الشيباني قال: حضرت عشيرنا وأميرنا خالد بن يزيد وعنده رجل كثير الفكاهة حسن الحديث فأعجبني جدا فقال الأمير أبو يزيد أما سمعت شعره فينا ما رأيت أحسن بيانا منه ولا أفضح لسانا - يعني أبا تمام - وقال أبو تمام هذه القصيدة حين عقد لخالد على أرمينية.
ما لكثيب الحمى إلى عقده * ما بال جرعائه إلى جرده (1) يقول فيها:
وهل يساميك في العلا ملك * صدرك أولى بالرحب من بلده أخلاقك الغر دون رهطك * اثرى منه في رهطه وفي عدده فما سمعت مثل قوله وطربت فرحا ان يكون من ربيعة فقلت ممن الرجل فقال من طئ وولائي لهذا الأمير فقلت يا أسفا أن لا تكون ربعيا أو نزاريا ثم أمر له الأمير أبو يزيد بعشرة آلاف درهم بيضا و والله ما كافأه وفي هذه القصيدة ذكر شفاعة خالد إلى ابن أبي دؤاد فيما يأتي ذكره في أخبار أبي تمام مع أحمد بن أبي دؤاد فقال:
بالله أنسى دفاعه الزور من * عوراء ذي نيرب ومن فنده (2) ولا تناسى أحياء ذي يمن * ما كان من نصره ومن حشده آثرني إذ جعلته سندا * كل امرئ لاجئ إلى سنده وروى الصولي في أخبار أبي تمام انه استنشد خالد بن يزيد أبا تمام قصيدته في الافشين التي ذكر فيها المعتصم وأولها:
غدا الملك معمور الحرا والمنازل * منور وحف الروض عذب المناهل (3) فلما بلغ إلى قوله:
تسربل سربالا من الصبر وارتدى * عليه بعضب في الكريهة قاصل وقد ظللت عقبان اعلامه ضحى * بعقبان طير في الدماء نواهل أقامت مع الرايات حتى كأنها * من الجيش الا انها لم تقاتل قال له خالد كم أخذت بهذه القصيدة قال ما لم يرو الغلة ولم يسد الخلة قال فاني أثيبك عنها قال ولم ذاك وأنا أبلغ الأمل بمدحك قال لأني آليت لا أسمع شعرا حسنا مدح به رجل فقصر عن الحق فيه الا نبت عنه قال فإن كان شعرا قبيحا قال انظر فإن كان أخذ شيئا استرجعته منه. قال الصولي وقد أحسن أبو تمام في هذا المعنى وزاد على الناس بقوله (الا انها لم تقاتل) (اه). ومن مدائح أبي تمام في خالد بن يزيد قوله من قصيدة أولها:
لقد أخذت من دار ماوية الحقب * انحل المغاني للبلى هي أم نهب (4) تردد في آرامها الحسن فاغتدت * قرارة من يصبي ونجعة من يصبو كواعب أتراب لغيداء أصبحت * وليس لها في الحسن شكل ولا ترب لها منظر قيد النواظر لم يزل * يروح ويغدو في خفارته الحب تظل سراة القوم مثنى وموحدا * نشاوى بعينيها كأنهم شرب إلى خالد راحت بنا أرحبية * مرافقها من عن كراكرها نكب من البيض محجوب عن السوء والخنا * ولا تحجب الأنواء من كفه الحجب ثم قال يذكر آباء المدوح.
مضوا وهم أوتاد نجد وأرضها * يرون عظاما كلما عظم الخطب وما كان بين الهضب فرق وبينهم * سوى انهم زالوا ولم تزل الهضب لهم نسب كالفجر ما فيه مسلك * خفي ولا واد عنود ولا شعب هو الأضحيان الطلق رفت فروعه * وطاب الثرى من تحته وزكا الترب فيا وشل الدنيا بشيبان لا تغض * ويا كوكب الدنيا بشيبان لا تخب فما دب الا في بيوتهم الندى * ولم ترب الا في جحورهم الحرب أولاك بنو الأحساب لولا فعالهم * درجن فلم يوجد لمكرمة عقب لهم يوم ذي قار مضنى وهو مفرد * وحيد من الأشباه ليس له صحب به علمت صهب الأعاجم انه * به أعربت عن ذات أنفسها العرب هو المشهد الفصل الذي ما نجا به * لكسرى بن كسرى لا سنام ولا صلب أقول لأهل الثغر قد رئب الثأى * وأسبغت النعماء والتام الشعب فسيحوا بأطراف البلاد وارتعوا * فنا خالد من غير درب لكم درب فتى عنده خير الثواب وشره * ومنه الاباء الملح والكرم العذب أشم شريكي يسير أمامه * مسيرة شهر في كتائبه الرعب ولما رأى توفيل راياثك التي * إذا ما استقامت لا يقاومها الصلب تولى ولم يال الردى في اتباعه * كأن الردى في قصده هائم صب غدا خائفا يستنجد الكتب مذعنا * إليك فلا رسل ثنتك ولا كتب مضى مدبرا شطر الدبور ونفسه * على نفسه من سوء ظن بها الب رددت أديم الغزو أملس بعدما * غدا ولياليه وأيامه جرب يكل فتى ضرب يعرض للقنا * محيا محلى حليه الطعن والضرب جعلت نظام المكرمات فلم تدر * رحى سؤدد الا وأنت لها قطب إذا افتخرت يوما ربيعة أقبلت * مجنبتي مجد وأنت لها قلب يجف الثرى منها وتربك لين * وينبو بها ماء الغمام وما تنبو بجودك تبيض الخطوب إذا دجت * وترجع عن ألوانها الحجج الشهب وسيارة في الأرض ليس بنازح * على وخدها حزن سحيق ولا سهب تذر ذرور الشمس في كل بلدة * وتمسي جموحا ما يرد لها غرب عذارى قواف كنت غير مدافع * أبا عذرها لا ظلم منك ولا غصب إذا أنشدت في القوم ظلت كأنها * مسرة كبر أو تداخلها عجب مفصلة باللؤلؤ المنتقى لها * من الشعر الا انه اللؤلؤ الرطب ومن مدائح أبي تمام في خالد بن يزيد قوله من قصيدة.
طلل الجميع لقد عفوت حميدا * وكفى على رزئي بذاك شهيدا