وانك أحكمت الذي بين فكرتي * وبين الليالي من ذمام ومن عهد واصلت شعري فاعتلى رونق الضحى * ولولاك لم يظهر زمانا من الغمد فكيف وما أخللت بعدك بالحجى * وأنت فلم تخلل بمكرمة بعدي أسربل هجر القول من لو هجرته * إذا لهجاني عنه معروفه عندي كريم متى أمدحه والورى * معي وإذا ما لمته لمته وحدي ولو لم يزعني عنك للحلم وازع * لأعديتني بالحلم ان العلا تعدي واني رأيت الوشم في خلق الفتى * هو الوشم لا ما كان في الشعر والجلد فجعل للبكاء والوجد جدة وإخلاقا. ولصروف الردى قدا وللمذهب سبوطة وللامل جعودة وللوعد كاهلا ولعشب الربيع بناء وللحمد والذم مسرحا وللقرب يدا وجعل الزمن لباسا وجعل لليالي عهدا وذماما وللشعر غمدا وإصلاتا وجعل هجر القول سربالا والحلم وازعا وجعل للخلق وشما إلى غير ذلك (والأخرى) يمدح بها المأمون يقول فيها:
جارى اليه البين وصل خريدة * ماشت اليه المطل مشي الأكبد (1) عبث الفراق بدمعه وبقلبه * عبثا يروح الجد فيه ويغتدي يا يوم شرد يوم لهوي لهوه * بصبابتي وأذل عز تجلدي يوم أفاض جوى أغاض تعزيا * خاض الهوى بحري حجاه المزبد يقول فيها في وصف المأمون:
متجردا ثبت المواطئ عزمه * متجرد للحادث المتجرد في دولة لحظ الزمان شعاعها * فارتد منقلبا بعيني أرمد اما الهدى فقد اقتدحت بزنده * في العالمين فويل من لم يهتد صدمت مواهبه النوائب صدمة * شغبت على شغب الزمان الأنكد وطئت حزون الجود حتى خلتها * فجرت عيونا في متون الجلمد وأرى الأمور المشكلات تمزقت * ظلماتها عن رأيك المتوقد فإذا ابتنيت بجود يومك مفخرا * عصفت به أرواح جودك في غد فلويت بالموعود أعناق المنى * وحطمت بالانجاز ظهر الموعد هذا أمين الله آخر مصدر * شجي الظماء به وأول مورد (نيطت قلائد ظرفه بمحير) * (فعناؤها يطوي المراحل باليد) فجعل المطل مماشيا والفراق عابثا والجد رائحا غاديا واليوم لاهيا وجعل للتجلد عزا وللجوى بحرا وللحادث تجردا وللزمان لحظا ورمدا وللهدى زندا وللنوائب صدمة وللزمان شغبا وللجود حزونة وللمشكلات ظلما وللرأي توقدا وللجود رياحا وللمنى أعناقا وللموعد ظهرا وللظماء شجى وللظرف قلائد وللعناء يدا تطوي المراحل إلى غير ذلك هذا في قصيدتين قصيرتين فما ظنك باستقصاء شعره أو بقصائده الطوال وهذا مما عيب به على أبي تمام.
الاستعارات القبيحة في شعر أبي تمام وقد عقد الآمدي لذلك بابا مخصوصا ذكر فيه جملة منها وحكى عن ابن المعتز في كتاب سرقات الشعراء انه ذكر استعارة قبيحة لسلم الخاسر وقال هذا ردئ كأنه من شعر أبي تمام الطائي ولو لم يكن لأبي تمام من ردئ الاستعارة إلا مثل استعارة سلم هذه أو نحوها لكفاه ونعوذ بالله من حرمان التوفيق (اه) قال الآمدي فمن مرذول ألفاظه وقبيح استعاراته قوله:
يا دهر قوم من أخدعيك فقد * أضججت هذا الأنام من خرقك وقوله:
سأشكر فرجة اللبب الرخي * ولين أخادع الدهر الآبي وقوله:
فضربت الشتاء في اخدعيه * ضربة غادرته عودا ركوبا وقوله:
تروح علينا كل يوم وتغتدي * خطوب كأن الدهر منهن يصرع وقوله:
الا لا يمد الدهر كفا لسيئ * إلى مجتدي نصر فتقطع من الزند وقوله:
والدهر ألأم من شرقت بلؤمه * الا إذا أشرقته بكريم وقوله:
تحملت ما لو حمل الدهر شطره * لفكر دهر اي عبأيه اثقل وقوله يصف قصيدة:
لها بين أبواب الملوك مزامر * من الذكر لم تنفخ ولا هي تزمر وقوله:
يحل يفاع المجد حتى كأنه * على كل رأس من يد المجد مغفر اما وأبي احداثه ان حادثا * حدا بي عنك العيس للحادث الوغد لدى ملك من ايكة الجود لم يزل * على كبد المعروف من فعله برد به اسلم المعروف بالشام بعدما * ثوى منذ اودى خالد وهو مرتد وقوله:
جذبت نداه غدوة السبت جذبة * فخر صريعا بين أيدي القصائد وقوله:
لو لم تفت مسن المجد مذ زمن * بالجود والبأس كان الجود قد خرفا وقوله:
في علة أوقدت على كبد * النائل نارا اخنت على كبده وقوله:
حتى إذا اسود الزمان توضحوا * فيه فغودر وهو فيهم أبلق وقوله:
إيثار شذر القوى رأى جسد * المعروف أولى بالطب من جسده وقوله:
فما ذكر الدهر العبوس بأنه * له ابن كيوم السبت إلا تبسما وقوله:
وكم أحرزت منكم على قبح قدها * صروف النوى من مرهف حسن القد وقوله يصف الأرض إذا الغيث غادى نسجها خلت انه * مضت حقبة حرس له وهو حائك إذا للبستم عار دهر كأنما * لياليه من بين الليالي عوارك ولا اجتذبت فرش من الأمن تحتكم * هي المثل في لين بها والأرائك