شهدت لها الأنواء أجمع انها * من مزنة لكريمة الأطراف ما ينقضي منها النتاح ببلدة * حتى تسر له لقاح كشاف (1) كم أهدت الخضراء (2) في احمالها * للأرض من تحف ومن ألطاف فكأنني بالروض قد أجلى لها * عن حلة من وشية أفواف عن ثامر (3) ضاف ونبت قرارة * واف ونور (4) كالمراجل (5) خاف (6) وكأنني بالظاعنين وطية (7) * يبكي لها الآلاف للآلاف وكأنني بالشدقمية وسطه * خضر اللهى والوظف والاخفاف ان الشتاء على شتامة وجهه * لهو المفيد طلاقة المصطاف وقال في وصف المطر أيضا:
لم أر عيرا جمة الدئوب * تواصل التهجير بالتأويب أبعد من أين ومن لغوب * نجائبا وليس من نجيب منقادة لعارض غربيب * كالشيعة التفت على النقيب آخذه بطاعة الجنوب * تكف غرب الزمن العصيب محاءة للأزمة اللزوب * محو استلام الركن للذنوب لما بدت للأرض من قريب * تشوفت لوبلها السكوب تشوف المريض للطبيب * وطرب المحب للحبيب وفرحة الأديب بالأديب * وخيمت صادقة الشؤبوب فقام فيها الرعد كالخطيب * وحنت الريح حنين النيب والشمس ذات شارق (حاجب) محجوب * قد غربت ما غروب والأرض من ردائها القشيب * في زهر (زاهر) من نبتها رطيب بعد اشهباب الثلج والضريب * كالكهل بعد السن والتحنيب (والتجريب) تبدل الشباب بالمشيب * لذيذة الريق والصبيب كأنها تهمي على القلوب وقال في وصف المطر أيضا:
سارية وسمحة القياد * مسودة مبيضة الايادي سهارة نوامة بالوادي * كثيرة التعريس بالوهاد نزالة عند رضا العباد * قد جعلت للمحل بالمرصاد سيقت ببرق ضارم الزناد * كأنه ضمائر الأغماد ثم برعد صخب الإرعاد * يسلقها بالسن حداد لما سرت في حاجة البلاد * ولحق الاعجاز بالهوادي واختلط السواد بالسواد * أظفرت الثرى بمن تعادي فرويت هاماته الصوادي * كم حملت لمقتر من زاد هدية من صمد جواد * ليس بمولود ولا ولاد وقال في وصف الغمامة:
سارية لم تكتحل بغمض * كدراء ذات هطلان محض تمضي وتبقي نعما لا تمضي * قضت بها السماء حق الأرض وصف الروض والمطر قال من قصيدة:
ومعرس للغيث يخفق فوقه * رايات كل دجنة وطفاء نشرت حدائقه فصرن مآلفا * بطرائف الأنواء والأنداء فسقاه مسك الطل كافور الندى * وانحل فيه خيط كل سماء غني الربيع بروضة فكأنما * اهدى اليه الوشي من صنعاء صبحته بمدامة صبحتها * بسلافة الخلطاء والندماء وقال من قصيدة في وصف الروض:
وفي روضة نبتية صبغت لنا * جداولها أنوارها صبغة الدهن أراد أن الماء لشدة صفائه تنعكس صور الأزهار فيه فكأنه شئ قد نقش بعدة نقوش مختلفة الألوان بصبغة الدهن التي هي أثبت الأصباغ.
وصف الربيع بوركت من وقت ومن أوان * فالأرض نشوى من ثرى نشوان تختال في مفوف الألوان * في زهر كالحدق الرواني من فاقع وناصع وقان * عجبت من ذي فكرة يقظان رأى جفون زهر الألوان * فشك ان كل شئ فان وقال في وصف زمن الربيع:
يا صاحبي تقصيا نظريكما * تريا وجوه الأرض كيف تصور تريا نهارا مشمسا قد شابه * زهر الربى فكأنما هو مقمر دنيا معاش للورى حتى إذا * حل الربيع فإنما هي منظر أضحت تصوع بطونها لظهورها * نورا تكاد له القلوب تنور من كل زاهرة ترقرق بالندى * فكأنها عين إليك تحدر تبدو يحجبها الجميم (8) كأنها * عذراء تبدو تارة وتخفر حتى غدت وهداتها ونجادها * فئتين في حلل الربيع تبختر من فاقع غض النبات كأنه * درر تشقق قبل ثم تزعفر أو ساطع في حمرة فكأنما * يدنو اليه من الهواء معصفر صبغ الذي لولا بدائع لطفه * ما عاد أصفر بعد إذ هو أخضر وصف المصيف والشتاء والصحو والمطر نزلت مقدمة المصيف حميدة * ويد الشتاء جديدة لا تكفر لولا الذي غرس الشتاء بكفه * قاسى المصيف عشائما (9) لا تثمر كم ليلة آسى البلاد بنفسه * فيها ويوم وبله مثعنجر مطر يذوب الصحو منه وبعده * صحو يكاد من الغضارة يقطر غيثان فالأنواء غيث ظاهر * لك وجهه والصحو غيث مضمر وندى إذا دهنت به لمم الثرى * خلت السحاب اتاه وهو معذر ما كانت الأيام تسلب بهجة * لو أن حسن الروض كان يعمر أولا ترى الأشياء ان هي غيرت * سمجت وحسن الأرض حين تغير وصف الموت وفاجع موت لا عدوا يخافه * فيبقى ولا يلقى صديقا يجامله