اجلاء منهم السيد تاج الدين النسابة اه. ويفهم من عمدة الطالب انه كان عالما فاضلا مؤلفا نقيبا نسابة شاعرا فصيحا حيث قال: أما محمد بن الزكي الثالث فأعقب ولده النقيب تاج الدين جعفر الشاعر الفصيح لسان بني حسن بالعراق وأضر في آخر عمره ثم قال وانقرض النقيب تاج الدين جعفر.
اخباره في عمدة الطالب حدثني الشيخ تاج الدين محمد (وفي نسمة السحر تاج الدين بن محمد) وقال حدثني أبي - القاسم بن معية - عن خاله النقيب تاج الدين جعفر المذكور انه حدثه قال لهجت بقول الشعر وأنا صبي فسمع والدي بذلك فاستدعاني وقال يا جعفر قد سمعت انك تهذي بالشعر فقل في هذه الشجرة حتى اسمع وكان هناك شجرة نارنج فقلت ارتجالا:
ودوحة تدهش الأبصار ناضرة * تريك في كل غصن جذوة النار كأنما فصلت بالتبر في حلل * خضر تميس بها قامات ابكار فاستدناني وقبل ما بين عيني وامر لي بفرس وثياب نفيسة ودراهم امر باحضارها في الحال ووهب لي ضيعة من خاصة ضياعه وقال يا بني استكثر من هذا فانا نقصد دار الخلافة ومعنا من الخيل وغيرها وأنواع التكلفات والهدايا ومما لا يتمكن من مثله ويجئ ابن عامر بدواته وقلمه فتقضى حوائجه قبلنا ويرجع إلى الكوفة ونحن مقيمون بدار الخلافة لم تقض لنا بعد حاجة قال وكان للنقيب تاج الدين جعفر وظائف على الديوان تحمل اليه في كل سنة وكان أضر وبنى موضعا سماه الزوية واعتكف فيه دائما فأرسلوا اليه في بعض السنين - وحاكم بغداد يومئذ الصاحب علاء الدين عطا ملك الجويني - بفرس كبير السن أعور فكتب إلى صاحب الديوان بهذين البيتين:
أهديتم الجنس إلى جنسه * بزرك أسب لبزرك وكور وما لكم في ذاك من حيلة * سبحان من قدر هذي الأمور (بزرك) بالفارسية الكبير (واسب) الفرس (وكور) الأعمى قال فركب صاحب الديوان اليه وقاد اليه فرسا آخر واعتذر اليه (ولما كان الحاكم أعجميا نظم هو هذا الشطر بالفارسية) قال ومن حكاياته ان شاعرا مدحه فلم يعطه شيئا فهجاه بقوله:
أعرق والأعراق دساسة * إلى خردل (1) كخليع الدلا مدحته والنفس امارة * بالسوء الا ما وقى ذو العلا فكنت كالمودع بطيخة * من عنبر حقة بيت الخلا فلما بلغته هذه الأبيات امر للشاعر بجائزة فجاء الشاعر معتذرا وقال كيف أجازني النقيب على الهجو ولم يجزني على المدح فقال النقيب: انا لا أعرف ما تقول ولكنك لما قلت شعرا أثبتك عليه فعرف الشاعر انه لم يجزه لاسترذال القصيدة وركاكة الشعر اه. وفي نسمة السحر: وأورد ابن عنبة - يعني صاحب عمدة الطالب - له أيضا:
قدمت سبعين واتبعتها * عاما فكم أطمع في المكث وهبك عمري قد مضى ثلثه (2) * أليس نكث العمر في الثلث قال ابن عنبة فعاش بعد ذلك سنة ثم مات واتبع اثره شيخنا تاج الدين بن محمد فقال:
قدمت سبعين واتبعتها * عاما كما اتبعها خالي فالحمد لله على حاله * والحمد لله على حالي قال ابن عنبة ولم يكن خاله وانما كان خال والده السيد جلال الدين القاسم بن الحسين اه. قال المؤلف لم أجد ذلك في عمدة الطالب ولعله في غيره من مؤلفاته. وفي أمل الآمل عالم جليل يروي عنه ابن أخته القاسم بن معية اه. وفي خلاصة الكلام في امراء البلد الحرام انه في سنة 639 كان الأمير على مكة الشريف راجح بن قتادة من قبل ملك اليمن وكان ملك اليمن وملك مصر يتنازعان في أمير مكة دائما فإذا نصب أحدهما بها أميرا من الأشراف يخطب له نصب الآخر غيره وارسل معه عسكرا لحرب الأول واخراجه ففي هذه السنة ارسل صاحب مصر عسكرا إلى مكة فلما بلغ صاحب اليمن تجهز وخرج إلى مكة بجيش كثير فهرب المصريون، فدخل السلطان نور الدين علي بن رسول مكة وصام رمضان بها واعرض عن ولاية الشريف راجح. وأرسل بطلب الشريف حسن بن علي بن قتادة فذهب الشريف راجح إلى المدينة واستنجد أخواله من بني حسين على ابن أخيه الحسن بن علي بن قتادة فانجدوه فخرج راجح معهم من المدينة ومعه سبعماية فارس قاصدا مكة ومعهم الأمير عيسى الملقب بالحرون كان فارس بني حسين في زمانه فبلغ ذلك الشريف أبا سعد الحسن بن علي بن قتادة، وكان ابنه أبو نمي في ينبع فأرسل اليه يطلبه، وعمر أبي نمي يومئذ 17 أو 18 سنة، فخرج في أربعين رجلا من ينبع قاصدا مكة فصادف القوم سائرين فحمل عليهم بالأربعين الذين معه فهزمهم ورجعوا إلى المدينة مغلوبين وفي ذلك يقول السيد جعفر بن محمد بن معية الحسني وهو إذ ذاك لسان بني حسن بالعراق من قصيدة يذكر فيها تلك الواقعة ويمدح أبا نمي ويحسن فعله:
ألم يبلغك شأن بني حسين * وفرهم وما فعل الحرون فيا لله فعل أبي نمي * وبعض الفعل يشبهه الجنون يصف بأربعين على مئين * وكم من كثرة طلبت تهون جعفر بن محمد بن مفضل في الخلاصة كوفي يروي عنه الغلاة خاصة قال ابن الغضائري ما رأيت له رواية صحيحة وهو متهم في كل أحواله اه وتضعيف ابن الغضائري حاله معلوم كنسبة الغلو عند القدماء.
أبو الخطاب جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات أخو علي بن محمد بن موسى وزير المقتدر هكذا كناه ابن خلكان أبا الخطاب فقال في ترجمة أبي الحسن علي بن محمد بن موسى وأما أخوه أبو الخطاب جعفر بن محمد فإنه عرضت عليه الوزارة فأباها وتولاها ابنه أبو الفتح الفضل بن جعفر قلده المقتدر الوزارة اه وكناه في الفخري أبا الفضل فقال عند تعداد وزراء المقتدر: وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات لم تطل أيامه ولم تكن له سيرة مأثورة وقتل المقتدر وهو وزيره فاستتر اه وبين كلامهما من التنافي ما لا يخفى ويوشك ان يكون الصواب ما قاله ابن خلكان فان أبا الفضل كنية حفيدة جعفر بن الفضل المقدم ذكره، وأن يكون ما في عبارة الفخر من تحريف الكتاب وأن يكون