أرى هذا اليوم أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا لم أتكلم بما أتكلم به، اللهم انك تعلم اني كنت أختار الفقر على الغنى وأختار الذلة على العز وأختار الموت على الحياة، مرحبا بالموت وأهلا بحبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم، اللهم إني لم أحب الدنيا لحفر الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لسهر الليل وظماء الهواجر وكثرة الركوع والسجود والذكر والجهاد في سبيل الله ومزاحمة العلماء بالركب. وفي حلية الأولياء بسنده عن زياد مولى ابن عباس قال حدثني من دخل على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فقال: لولا أني أرى هذا اليوم آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة لم أتكلم به اللهم انك تعلم انني كنت أحب الفقر على الغنى وأحب الذلة على العز وأحب الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم ثم مات. وبسنده عن الحسن قال حضر حذيفة الموت قال: حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم الحمد لله الذي سبق بي الفتنة قادتها وعلوجها اه.
قوله لما ثقل وجئ بأكفانه ووصيته فيها في حلية الأولياء بسنده عن أبي وائل قال: لما ثقل حذيفة أتاه أناس من بني عبس فأخبرني خالد بن الربيع العبسي قال: أتيناه وهو بالمدائن حتى دخلنا عليه جوف الليل فقال لنا: أي ساعة هذه؟ قلنا جوف الليل أو آخر الليل، فقال أعوذ بالله من صباح إلى النار، ثم قال أجئتم معكم بأكفان؟
قلنا نعم. قال فلا تغالوا بأكفاني فإنه ان يكن لصاحبكم عند الله خبر فإنه يبدل بكسوته كسوة خيرا منها والا يسلب سلبا. وفي تاريخ دمشق قال خالد بن ربيع العبسي سمعنا بوجع حذيفة فركب اليه أبو مسعود الأنصاري في نفر انا فيهم إلى المدائن - والظاهر أنهم جاءوا من الكوفة - فاتيناه في بعض الليل فقال أي ساعة من الليل الآن؟ قلنا جوف الليل، فقال: أعوذ بالله من صباح إلى النار - وفي هذا دلالة على شدة خوفه من الله تعالى - ثم قال: هل جئتم بأكفاني؟ قلنا نعم. قال: فلا تغالوا بكفني فان يكن لصاحبكم عند الله خير يبدله خيرا من كسوتكم والا يسلب سلبا سريعا، وقال: لا يكفني الا ريطتان بيضاوان ليس معهما قميص - هكذا وردت هذه الرواية، والثابت في الشرع وجوب ثلاثة أثواب: قميص وازار و رداء. - وروى الحاكم في المستدرك بسنده إلى قيس بن أبي حازم قال: لما أتي حذيفة بكفنه وكان مسندا إلى أبي مسعود فاتي بكفن جديد فقال: ما تصنعون بهذا و ان كان صاحبكم صالحا ليبدلن الله له وان كان غير ذلك ليضربن الله به وجهه يوم القيامة. وبسنده عن أبي مسعود الأنصاري قال:
أغمي على حذيفة من أول الليل ثم أفاق فقال: أي الليل هذا؟ قلت السحر الأعلى قال: عائذ بالله من جهنم، مرتين أو ثلاثا، ثم قال:
ابتاعوا لي ثوبين فكفنوني فيهما ولا تغلوا علي فان صاحبكم ان يرض عنه لبس خيرا منهما والا سلبهما سلبا سريعا. وفي حلية الأولياء بسنده عن قيس عن أبي مسعود قال: لما أتي حذيفة بكفنه وكان مسندا إلى أبي مسعود، فاتي بكفن جديد، فقال: ما تصنعون بهذا ان كان صاحبكم صالحا ليبدلن الله تعالى به وان كان غير ذلك ليترامن (ليترامين ظ) به رجواها إلى يوم القيامة. وفي الحلية بسنده عن صلة بن زفر: أن حذيفة بعثني وأبا مسعود فابتعنا له كفنا حلة عصب بثلاثمائة درهم فقال: أرياني ما ابتعتما لي فأريناه فقال: ما هذا لي بكفن انما يكفيني ريطتان بيضاوان ليس معهما قميص فاني لا أترك الا قليلا حتى أبدل خيرا منهما أو شرا منهما، فابتعنا له ريطتين بيضاوين. وفي تاريخ دمشق: روى أبو سليمان ان حذيفة لما اتي بالكفن قال إن يصب أخوكم خيرا فعسى وإلا فليترامين في رجواها قال الخطابي يريد برجواها ناحيتي القبر وانما أنت على نية الأرض أو إرادة الحفرة كقوله تعالى (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة) ولم يتقدم للأرض ذكر، وكقوله (حتى توارت بالحجاب) ولم يتقدم للشمس ذكر، وقال حاتم.
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى * إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر يريد النفس، وأعمال الضمير في كلام العرب قال تعالى (والملك على ارجائها) وواحده رجى مقصور والتثنية رجوان اه قال الشاعر:
كأن لم تري قبلي أسيرا مكبلا * ولا رجلا يرمى به الرجوان اه ما جرى له عند الموت في أسد الغابة: قال ليث بن أبي سليم لما نزل بحذيفة الموت جزع جزعا شديدا وبكى بكاء كثيرا فقيل ما يبكيك؟ فقال: ما أبكى أسفا على الدنيا بل الموت أحب إلي ولكني لا أدري على ما أقدم علي رضا أم سخط.
وقيل لما حضره الموت قال هذه آخر ساعة من الدنيا اللهم انك تعلم اني أحبك فبارك لي في لقائك ثم مات. وفي تاريخ دمشق في تتمة خبر خالد بن ربيع العبسي السابق: ولما نزل بحذيفة الموت، وذكر مثله إلى قوله أم على سخط ثم قال: فرب يوم أتاني به الموت فلم أشك، فاما اليوم فقد خالطت أشياء لا أدري ما أنا فيها، ثم قال: وجهوني فوجهناه. وفي حلية الأولياء بسنده: قال حذيفة عند الموت: رب يوم لو أتاني الموت لم أشك، فاما اليوم فقد خالطت أشياء لا أدري على ما أنا فيها. ومن كلام حذيفة في الاخبار عن المغيبات ما حكاه الطبرسي في جوامع الجامع، قال عن حذيفة: أنتم أشبه الأمم سمتا ببني إسرائيل لتركبن طريقهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة غير اني لا أدري أتعبدون العجل أم لا. ولا شك ان ذلك مما سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فائدة ذكر ابن الشجري في أماليه ان اليمان والد حذيفة أصله اليماني نسبة إلى اليمن، ثم خفف بحذف الياء فلم يقل فيه الا اليمان.
حذيم بن شريك الأسدي.
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الحسين عليه السلام. وفي لسان الميزان: حذيم بن شريك الأسدي ذكره الطوسي في رجال الشيعة. وعن تقريب ابن حجر في حذيم بن عمرو السعدي ان (حذيم) بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح التحتانية.
حرام بن عثمان بن عمرو بن يحيى بن النضر بن عبد بن كعب الأنصاري السلمي المدني.
وفاته توفي سنة 150 وقيل 149 و 136 في تاريخ بغداد كان قدم الأنبار على