من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعوها فإنها منتنة فسمع ذلك عبد الله بن أبي بن سلول فقال وقد فعلوها لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال عمر يا رسول الله دعني اضرب عنق هذا المنافق فقال دعه لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل أصحابه فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله والله لا تنقلب حتى تقر انك الذليل ورسول الله العزيز ففعل (انتهى).
وفي الإصابة: جهجاه بن سعيد وقيل ابن قيس وقيل ابن مسعود الغفاري شهد بيعة الرضوان بالحديبية وذكر الواقدي انه شهد غزوة المريسيع فتنازع هو وسنان بن وبرة حتى تداعيا بالقبائل وكان جهجاه أجيرا لعمر بن الخطاب فذكر القصة ثم روى بسنده عن جهجاه الغفاري انه قدم في نفر من قومه يريدون الاسلام فحضروا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المغرب فلما ان سلم قال ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه (الحديث). وعاش جهجاه إلى خلافة عثمان فروى الباوردي من طريق الوليد بن مسلم عن مالك وغيره عن نافع عن ابن عمر قال: قام جهجاه الغفاري إلى عثمان وهو على المنبر فاخذ عصاه فكسره فما حل على جهجاه الحول حتى ارسل الله في يده الآكلة فمات منها ورواه ابن السكن بسنده عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله ورواه من طريق فليح بن سليمان عن عمته وأبيها وعمها انهما حضرا عثمان فقام اليه جهجاه بن سعيد الغفاري حتى اخذ القضيب من يده فوضعها على ركبته فكسرها فصاح به الناس ونزل عثمان فدخل داره ورمى الله الغفاري في ركبته فلم يحل عليه الحول حتى مات ورويناه في المحامليات نحو الأول وقال ابن السكن مات بعد عثمان بأقل من سنة (انتهى). واختلاف الرواية بين في يده وفي ركبته يوجب الريب في صحتها ولو صحت لكان من باشر قتله بيده أولى بذلك لأنه أفظع. وعن كتاب توضيح الاشتباه انه ممن خرج على عثمان.
الأمير جهجاه ابن الأمير مصطفى الحرفوشي الخزاعي البعلبكي أمير بعلبك وتوابعها توفي حوالي سنة 1225.
(جهجاه) من الأسماء العربية سمي به بعض الصحابة كما مر وكان المترجم من امراء بني الحرفوش تولى حكم بلاد بعلبك مدة بعد أبيه الأمير مصطفى حوالي سنة 1201 وبقي في الحكم حوالي 24 سنة وكان شهما شجاعا عالي الهمة وجرت في أيامه فتن وحروب وحوادث كثيرة على عادة ذلك العصر. ويظهر من قصيدة للمترجم باللسان العامي أرسلها إلى أخيه الأمير سلطان وذكرت في مجلة العرفان م 9 ان المترجم كان قد ذهب إلى العراق إلى بني عمه خزاعة (الخزاعل) بسبب ضغط بني عمه عليه واخذهم الامارة منه وانه ذهب إلى العراق كفا للشر ورعاية لحرمة أخت الأمراء ولا يعلم من هي من أخواتهم. ولكن مؤرخي ذلك العصر لم يشيروا إلى ذهابه للعراق وسببه وانما فهم ذلك من هذه القصيدة ويظهر منها ان والي الشام ارسل محمد آغا العبد متسلما (حاكما) على بلاد بعلبك وان ذلك كان في مدة غياب المترجم في العراق وان المترجم لما علم بذلك من كتاب أرسلته اليه أخت الأمراء حركته الحمية العربية وعاد من العراق إلى سورية وحارب محمد آغا العبد وقتله يقول فيها:
الا يا غاديا مني وسلم * وسلم لي سلام بلا انقطاع وسلم لي على الديرة وأهلها * وباقية الامارة والتباع تعتب لي عليهم بالملامة * وذكرهم بأيام الشناع انا لو كنت قاصد لأجفاكم * بخلي جسامكم تجوي المشاعي وبشوفكم انا بعض المراجل * وبخلي خيولكم تغدي شلاعي ولولا الخوف من أخت الامارة * وحق البيت مع ابن الرفاعي تا كان الرمم فيكم طرايح * فرايس للطيور وللضباع كفيت الشر وانطيهم قفايا * رحمه الهم من حروب الخزاعي انا ببغداد ما عندي علايم * بهذا الأمر ما عندي اطلاع جاءني كتاب خط من يديها * معلم بالورق روس السباع فعرف عن جميع الضار فيكم * فطاش العقل من حين استماعي نهرت العبد هات لي المعنقية * عليها اعتلى رهط الخزاعي وجيت مطوحا من فوق حرا * سريعة الجري لينة الطباع ورمحي من جبل بغداد جبته * وساقي حربته سم الأفاعي غطست وجيت من بغداد إليكم * تشيل الضيم عنكم في ذراعي وعود الزان يرقص في يميني * وسيفي مجردة عاطول باعي سالت العبد أين يكون حاكم * قالوا بالصفا والكاس داعي دعيته مرتمي غربي بعلبك * بحد السيف قطعته قطاعي وفصلته انا قهرا ورغما * على البيدا بقي اربع رباعي وقد أشار الأمير حيدر الشهابي في تاريخه إلى هذه الواقعة فقال في سنة 1201 كان الوالي على دمشق حسين باشا بطال فبعد دخوله دمشق ارسل محمد آغا العبد الذي كان حاكما في البقاع متسلما على بلاد بعلبك وكان قد رجع الأمير جهجاه ابن الأمير مصطفى الحرفوشي - يعني من العراق - فجمع عسكرا وكبس محمد آغا في بعلبك وقتل جماعة من أصحابه وهرب محمد آغا إلى دمشق وكان الوالي يومئذ قد هم بالخروج إلى الحج فلم يتمكن من ارسال عسكر إلى بعلبك (انتهى) ولم يذكر ان محمد آغا قتل لكن الأمير جهجاه يصرح في قصيدته كما مر بأنه قتله وهو اعرف بذلك ولعله قتله في وقعة أخرى. وفي التاريخ المذكور انه في سنة 1202 عزل بطال باشا عن ولاية دمشق وتولى مكانه إبراهيم باشا الأظن وبعد دخول إبراهيم باشا إلى دمشق ارسل عسكره إلى بلاد بعلبك وكبس الأمير جهجاه الحرفوشي فانكسر عسكر الدولة وقتل منهم جماعة ثم ارسل الأمير يوسف الشهابي فاستعطف خاطر إبراهيم باشا على الأمير جهجاه ورجع إلى حكم بلاد بعلبك. وفيه انه في سنة 1203 ثار المماليك بالجزار واطلقوا عليه الرصاص فسلم لأنه بلغه ان بين المماليك والخيالة خناء في داره فعزم على قتلهم وهجم عليهم فأطلقوا عليه الرصاص وخرج سليم باشا والمماليك من عكا وتبعهم العسكر وسار سليم باشا وسليمان باشا بالعسكر إلى صور وحضرت إليهم المتأولة والصفدية وسلموهم امر بلادهم ثم رجع سليم باشا بالعسكر إلى نواحي عكا وجرت بينهم وقعة انهزم فيها عسكر سليم باشا وهرب هو إلى دمشق وهرب سليمان باشا إلى دير القمر ثم ارسل الجزار عسكرا إلى البقاع برجال وادي التيم ومعهم محمد آغا العبد بمائة خيال من وجاق الدولة لقتال سليمان باشا والأمير يوسف الشهابي فأرسل إليهم الأمير يوسف عسكرا مع بعض بني عمه وحضر أيضا الأمير جهجاه الحرفوشي بعسكر من بلاد بعلبك فانكسر عسكر الجزار ورجعت عساكر الأمير يوسف أكثرها إلى بلادها ورجع الأمير جهجاه إلى بلاده ثم أعاد الجزار العسكر فانكسر عسكر الأمير يوسف. وفي كتاب دواني القطوف انه في سنة 1806 م (1221 ه) مر جرجس باز مدبر الأمير يوسف الشهابي وأولاده وعسكر لبنان عائدين من