إن مقامات الحريري وكتاب كليلة ودمنة وبرابي مصر رموز إلى صناعة الكيمياء وهو قول لا يستند إلى أصل. وفي كشف الظنون قد كتب بعض من جرب وتعب على مصنفات جابر تلميذ جعفر الصادق وشغل نفسه بطلب الكيمياء فافنى بذلك عمره:
هذا الذي بمقاله * غر الأوائل والأواخر ما كنت إلا كاسرا * كذب الذي سماك جابر ثم قال في كشف الظنون: واعلم أنه - أي جابر بن حيان - فرقها - أي الكيمياء - في كتب كثيرة، لكنه أوصل الحق إلى أهله ووضع كل شئ في محله وأوصل من جعله الله سبحانه وتعالى له سببا في الايصال ولكن أشغلهم بأنواع التدهيش و المحال لحكمة ارتضاها عقله ورأيه بحسب الزمان، ومع ذلك فلا يخلو كتاب من كتبه عن فوائد عديدة اه.
تصوفه وكان أيضا صوفيا معروفا بذلك كما يدل عليه قول ابن النديم المعروف بالصوفي وقول القفطي ومتقلد العلم المعروف بعلم الباطن وهو مذهب المتصوفين من أهل الاسلام ووصف المترجمين جميعا له بالصوفي.
وأما تلمذه على الصادق عليه السلام فيدل عليه قول ابن طاوس انه صاحب الصادق عليه السلام ورواية ابني بسطام عنه عن الصادق عليه السلام، وتصريح اليافعي وابن خلكان بأنه تلميذه وأنه ألف كتابا يشتمل على خمسمائة رسالة من رسائله وقول ابن النديم عن الشيعة أنهم زعموا أنه كان جعفر الصادق وأنه عنى بسيده جعفر الصادق، وحكى أن نسخة كتاب السموم المحفوظة بالمكتبة التيمورية بمصر مكتوب فيها يذكر أن مؤلفه جابر بن حيان الصوفي تلميذ جعفر الصادق اه ويحكى عن بعض رسائله المطبوعة أنه قال فيها كنت يوما خارجا من منزلي قاصدا دار سيدي جعفر صلوات الله عليه اه.
تلمذه على خالد بن يزيد بن معاوية في كشف الظنون: أول من تكلم في علم الكيمياء ووضع فيها الكتب وبين صنعة الإكسير والميزان ونظر في كتب الفلاسفة من أهل الاسلام خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وأول من اشتهر هذا العلم عنه جابر بن حيان الصوفي من تلامذة خالد كما قيل:
حكمة أورثناها جابر * عن إمام صادق القول وفي لوصي طاب في تربته * فهو كالمسك تراب النجف وذلك لأنه وفي لعلي واعترف له بالخلافة وترك الامارة اه.
(أقول): في هذا الكلام من الخبط ما لا يخفى (أولا) الظاهر أن جابرا المذكور في هذا الشعر هو جابر الجعفي من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام روى عنهما كثيرا من غوامض العلوم وغرائب الحوادث، فالحكمة المذكورة هي حكمة النفس لا علم الكيمياء (ثانيا): يظهر أنه فسر ما في الشطر الثاني من البيت الأول بخالد بن يزيد وأنه سماه وفيا لأنه وفي لعلي واعترف له بالخلافة وترك الامارة، وظاهر أن المراد به جعفر الصادق وقوله لوصي صفة لقوله حكمة لا متعلق بقوله وفي (ثالثا): أن خالد بن يزيد لم ينقل عنه أنه كان يعترف بالخلافة لعلي عليه السلام ولا أنه ترك الامارة لاعتقاده أنها ليست له وإنما الخلافة تركته فتركها مغلوبا على أمره (رابعا):
ان تلمذ جابر بن حيان على خالد بن يزيد لم يقم عليه برهان ولم يؤيده تاريخ ولا أشار إليه أحد من المؤرخين فجابر بن حيان خراساني المنبت عراقي المنشأ كوفي المسكن شيعي المذهب علوي النزعة، وخالد بن يزيد شامي المنبت والمنشأ أموي النسب والنزعة، فلا علاقة تربطه بجابر بن حيان وإنما يشتركان في صناعة الكيمياء، فخالد بن يزيد بعد فراغ يده من الخلافة اشتغل بهذه الصنعة، وجابر بن حيان كان معروفا بها، فكأنه لبعض المناسبات توهم تلمذ جابر على خالد.
تلامذته قال ابن النديم: أسماء تلامذته. الخرقي الذي ينسب إليه سكة الخرقي بالمدينة وابن عياض المصري والاخميمي اه وقال قبل ذلك:
والرازي يقول في كتبه المؤلفة في الصنعة: قال استاذنا أبو موسى جابر بن حيان اه ومراده بقوله استاذنا أنه استفاد من مؤلفاته لا أنه تعلم منه لان عصر الرازي متأخر عنه كما هو معلوم وصرح به في كشف الظنون حيث قال: وأما من جاء بعد جابر من حكماء الاسلام مثل سلمة بن أحمد المجريطي وأبي بكر الرازي وأبي الإصبع بن تمام العراقي والطغرائي والصادق محمد بن أميل التميمي والامام أبي الحسن علي صاحب الشذور فكل منهم قد اجتهد غاية الاجتهاد في التعليم والجلدكي متأخر عنهم اه (أقول) الجلدكي أو الجلدقي اسمه ايدمر بن علي الجلدكي توفي سنة 762 ه. كان من أهل صناعة الكيمياء وشرح كتابا من كتب الكيمياء اسمه (المكتسب في صناعة الذهب) وسمي شرحه (نهاية المطلب في شرح المكتسب) لكنه لم يعرف اسم مؤلف المتن.
مؤلفاته يقسم هولميارد مؤلفاته إلى أربع مجموعات:
أ - الكتب المائة والاثنا عشر. وهي التي اهدى بعضها إلى البرامكة، ومعظم هذه المجموعة مأخوذة عن هرمس.
ب - الكتب السبعون، وقد ترجم معظمها إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر.
ج - المصححات العشر، والتي يصف فيها ما قام به القدماء في علم الكيمياء مثل فيثاغورس وسقراط وغيرهم.
د - كتب الموازين وهي 114 كتابا يعرض فيها نظرية الميزان.
وقال الدكتور الاهواني:
لقد أغفل هولميارد من مؤلفات جابر ما كتبه في الطب والفلسفة والمنطق وغير ذلك لان عنايته كانت بالجانب الكيميائي فقط.
ولم ينشر من هذا التراث الضخم إلا جزء ضئيل، بدأه برتيلوه Berthlot بنشر كتاب (الرحمة)، وهو أول كتب جابر، وقد نشرت الترجمة اللاتينية كذلك.
ثم نشر هولميارد سنة 1928 احدى عشرة رسالة لجابر، كما نشر كراوس في القاهرة المختار من رسائل جابر بن حيان، وذلك في كتاب يقع في 555 صفحة.