ومن كان بالبيض الكواعب مغرما * فإنك بالبيض القواضب مغرما ثوى في الثرى من كان يحيا به الثرى * ويغمر صرف الدهر نائله الغمر وجوه لو أن الأرض فيها كواكب * توقد للساري لكانت كواكبا أعاذلتا ما أحسن الليل مركبا * وأحسن منه في الملمات راكبه 26 - التشطير وهو تقسيم كل من صدر البيت وعجزه شطرين ثم تسجيع كل منهما * مع مخالفة الصدر للعجز في التسجيع كقوله:
تدبير معتصم بالله منتقم * لله مرتقب في الله مرتهب فما أرى خلفا لما مضوا سلفا * يرجى لعان ولا يخشى على جاني ومن بدور خدور تستقل بها * أغصان بان كأغصان من البان 27 - التوشيح وهو أن يؤتى في عجز الكلام بمثنى مفسر باسمين ثانيهما معطوف على الأول كقوله:
إن الحمامين من بيض ومن سمر * دلوا الحياتين من ماء ومن عشب فتى أحيت يداه بعيد يأس * لنا الميتين من بأس وجود لولا مناشدة القربى لغادركم * حصائد المرهفين السيف والقلم 28 - التسليم وهو فرض المحال أو غير الواقع ثم تسليم وقوعه تسليما جدليا والدلالة على عدم الفائدة فيه على فرض وقوعه كقوله:
ما دام عيش لبسناه بساكنه * لدنا ولو أن عيشا دام لم يدم 29 - المشاكلة وهي ذكر الشئ بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا كقوله:
من مبلغ أفناء يعرب كلها * أنى بنيت الجار قبل المنزل وفي أنوار الربيع: أحسن ما اعتذر به عن قول أبي تمام:
لا تسقني ماء الملام فإنني * صب قد استعذبت ماء بكائي أنه من هذا الباب وأن إثبات ماء الملام بمشاكلة ماء البكاء المتأخر عنه.
30 - حسن التعليل وهو أن يدعى لوصف علة مناسبة له باعتبار لطيف غير حقيقي كقوله:
ربى شفعت ريح الصبا بنسيمها * إلى المزن حتى جادها وهو هامع كان السحاب الغر غيين تحتها * حبيبا فما ترقى لهن مدامع 31 - التطريز وهو أن يؤتى بمواضع متقابلة كأنها طراز والطراز علم الثوب كقوله أعوام وصل كاد ينسي طولها * ذكر النوى فكأنها أيام ثم انبرت أيام هجر أعقبت * بأسى فخلنا أنها أعوام ثم انقضت تلك السنون وأهلها * فكأنها وكأنهم أحلام متبذل في القوم وهو مبجل * متواضع في الحي وهو معظم 32 - التكرار وهو تكرير كلمة فأكثر باللفظ والمعنى لنكتة، كالتوكيد وغيره كقوله: بالصريح الصريح والأروع * الأروع منهم وباللباب اللباب 33 - المبالغة وهي ما يستحيل عادة أو عقلا، وهي من أنواع البديع، ولذلك قيل: الشعر أعذبه أكذبه: في معجم الأدباء في ترجمة الحسن بن بشر الآمدي عن أبي نصر قال: قلت لأبي الفرج الببغا الشاعر: للناس عادات في المبالغات، فقال لي: كان الآمدي النحوي صاحب كتاب الموازنة يدعي هذه المبالغات على أبي تمام ويجعلها استطرادا لعيبه إذا ضاق عليه المجال في ذمه، وأورد في كتابه من قصيدته التي أولها (من سجايا الطلول أن لا تجيبا):
خضبت خدها إلى لؤلؤ العقد * دما أن رأت شواتي خضيبا كل داء يرجى الدواء له * اللا الفظيعين ميتة ومشيبا ثم قال هذه من مبالغاته المسرفة، ثم قال أبو الفرج، هذه والله المبالغة التي يبلغ بها السماء (اه)، فمنها في شعر أبي تمام قوله:
وأبعد عن جوارك ألف يوم * مسيرة كل يوم ألف ميل ولو كانت يمينك ألف بحر * يغيض لكل بحر ألف نيل وقوله: ويصعد حتى لظن الجهول * أن له منزلا في السماء وقوله ألم يهززك قول فتى يصلي * لما يثني عليك به الثناء دنف يجود بنفسه حتى لقد * أمسى ضعيفا ان يجود بنفسه يكاد حين يلاقي القرن من حنق * قبل السنان على حوبائه يرد لو عاين الأسد الضرغام صورته * ما ليم أن ظن رعبا أنه الأسد وقائع عذبت أنباؤها وحلت * حتى لقد صار مهجورا لها الشهد قلائص شوقهن يزيد شوقا * ويمنعن الرقاد من الرقود وكأنما نافست قدرك حظه * وحسدت نفسك حين أن لم تحسد سأحمد نصرا ما حييت وإنني * لأعلم ان قد جل نصر عن الحمد وهذه مبالغة معيبة فالله تعالى قد حمد وأمر بأن يحمد.
وما زال منشورا علي نواله * وعندي حتى قد بقيت بلا عند أفنيت منه الشعر في متمدح * قد ساد حتى كاد بفنى السؤددا وطلعت في درج العلى حتى إذا * جئت النجوم نزلت فوق الفرقد وقوله هذب في جنسه ونال المدى * بنفسه فهو وحده جنس وقوله فكأنما احتالت عليه نفسه * إذ لم تنله حيلة المحتال وقوله ملأ الفضا عصبا فكاد بأن يرى * لا خلف فيه ولا له قدام وقوله فكاد بأن يرى للشرق شرقا * وكاد بأن يرى للغرب غربا وقوله لو كان للجبل المقطم ريشة * ما شك خلق انه سيطير وأرى نكيرا صد عنك ومنكرا * ظنا بأنك منكر ونكير وتضور القبر الذي أسكنته * حتى ظننا أنه المقبور وقوله تكاد عطاياه يجن جنونها * إذا لم يعوذها بنعمة طالب تكاد مغانيه تهش عراصها * وتركب من شوق إلى كل راكب وقوله فروحي عنده والجسم خال * بلا روح وقلبي في يديه وقوله حللت محلا فاضلا متقادما * من الفضل والفخر القديم فخور تفاخرت الدنيا بأيام ماجد * به الملك مبهى والمفاخر تفخر