ولم يجد إلا الإبر لشكه بها. ولما رأوه منه من الغرائب حتى نسب إلى استعمال السحر والنيرنجات، ونسبوه إلى اعتراء غياب العقل والهذيان، أما القول بالرجعة فان السيد المرتضى فسرها بان الله تعالى يعيد عند ظهور المهدي قوما ممن كان قد مات من شيعته وقوما من أعدائه، وقد وردت بذلك اخبار فمن صحت عنده اعتقد بها ومن لم تصح عنده أو لم يرها فهو في سعة من عدم الاعتقاد بها، هذه هي الرجعة التي يطبل القوم بها ويزمرون، فإن كان التشنيع على معتقدها بأنها محال أو مستبعدة فهو يشبه قول منكري البعث حيث قالوا (أإذا كنا ترابا وعظاما أإنا لمخرجون) ورد عليهم الله تعالى بقوله (أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد) وقوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم). وأما قدحهم فيه لروايته من فضائل أهل البيت ما لا تحتمله عقولهم فيدل عليه ما مر من ترك ابن عيينة له للحديث الذي رواه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا عليا فعلمه مما تعلم الخ... وهو من الغرابة بمكان، وليس معنى الحديث الا ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دعا إليه عليا فعلمه مما تعلم، ثم دعا علي الحسن فعلمه مما تعلم، وهكذا. ويرشد اليه الحديث الذي رواه الذهبي بعده انه انتقل العلم الذي كان في النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي، ثم انتقل من علي إلى الحسن وهكذا حتى بلغ جعفرا ولعله يرى هذا أيضا من الغلو ويستكبر ويستعظم أن تنتقل علوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل بيته وذريته دون غيرهم، ولاستعظام سفيان لمثل ذلك كان يبادر خوفا من أن يقع عليه السقف أو قال عن كلامه انه ينقض البيت أو يكاد ينقضه وهو استعظام واستكبار في غير محله. وأما ان عنده خمسين الف أو ثلاثين الف حديث أو خمسين ألف باب من العلم، وان عند شريك عنه عشرة آلاف مسألة فحاله كحال ما مر لا استبعاد فيه ولا استغراب ولا استنكار، ومن العجيب قول الشعبي له: لا تموت حتى تكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهل كان عنده شئ من الوحي أو علم الغيب. وقول إسماعيل: فما مضت الأيام والليالي حتى اتهم بالكذب. وكم من متهم برئ، كما أن من العجب استدلال أبي حنيفة على كذبه بأنه ما اتاه بشئ من رأيه إلا جاءه فيه بحديث، وزعم أن عنده ثلاثين ألف حديث، ولا دلالة في ذلك على الكذب، فجابر قد اخذ أحاديثه عن أهل بيت النبوة عن جدهم صلى الله عليه وآله وسلم ينابيع العلم والحكمة وأبواب مدينة العلم النبوي، وكل فتوى من فتاوى الفقهاء يمكن الاستدلال على اثباتها أو نفيها بأحد الأحاديث الواردة عنهم عليهم السلام في أصول الشريعة وأدلتها عموما أو خصوصا، فأي شئ في ذلك يستلزم الكذب أو يستكبر معه رواية جابر ثلاثين الف حديث أو أكثر منها، وقد حدث عنه السفيانان ووثقه الثوري منهما، وتعجب ابن مهدي من رواية سفيان بن عيينة عنه مع أن ابن مهدي ترك من حديث جابر أكثر من ألف حديث بما حكاه سفيان عنه في غير محله، إذ يدل تحديث سفيان عنه على خطا ابن مهدي في فهمه لما حكاه ابن سفيان.
وقد صرح ابن معين ان كل من رأى جابرا فقد روى عنه وصحبه إلا زائدة فإن كان كذابا فلما ذا لم يدعوه وتركه زائدة وحده، فكان من بينهم نسمة زائدة اما سؤال أبي جميلة له عن كيفية السلام على المهدي وجوابه له فلا يخلوان من غموض، ولعله يريد سؤاله عن السلام على المهدي المنتظر فأجابه بأنه قال له لم يصدقه. اما آية (لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي) وتفسير سفيان لقول جابر فيها لم يأت تأويلها بعد بأن الرافضة تقول: ان عليا في السماء لا يخرج مع فلان، فكذب وافتراء، فلم يقل أحد من الشيعة ان عليا في السماء ولا أنه لا يخرج مع من يخرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء بذلك، ولا ان الآية جاءت في غير اخوة يوسف، وأما قول ابن حبان: كان سبئيا، فكذب وافتراء، فعبد الله بن سبا كان يقول بألهية علي بن أبي طالب لا بمجرد رجوعه إلى الدنيا، أما كونه رافضيا فلا شك انه من شيعة علي عليه السلام وأهل بيته وأنه ممن يقدمهم ويفضلهم على من سواهم. وليس أعجب من سفيان وشعبة اللذين كانا ينهيان أبا عوانة عنه ويجالسانه ويرويان عنه. وأن ما نسبه سفيان والعجلي للتدليس اليه فلم يأتيا عليه وكان ضعفه في رأيه عند ابن سعد هو تشيعه، وفي حديثه انه يروي ما لم يقبله عقله، وضعفه عند العجلي غلوه في التشيع. وقول ابن خداش الكذب في حديثه بين، لروايته ما لم يسعه تصديقه من الفضائل والكرامات لأهل البيت. وقول أبي بدر: أنه كانت تهيج به مرة فيهذي ويخلط في الكلام، كان سببه ما مر في روايات الكشي من اظهاره الجنون عندما طلبه هشام ليخلص نفسه من القتل، واعتذار ابن حبان عن رواية الثوري عنه بأن الثوري ليس من مذهبه ترك الرواية عن الضعفاء نوع من القدح في الثوري وعن رواية شعبة وغيره بأنهم رأوا عنده أشياء لم يصبروا عنها، فذكروها عنه على جهة التعجب يؤيد ما قلناه من أن عقولهم لم تكن تحتمل ما يرويه. وإرسال أبي حنيفة اليه يسأله، دليل على ما كان عليه من سعة العلم، وقوله بعد ما نقل ما أجاب به رسول أبي حنيفة عن جماعة، وذهب الرسول ان كانوا قالوا! مشيرا إلى أنه كذب عليهم لا يقبله عقل، إذ ما الذي يدعوه إلى أن يكذب نفسه امام مسعر. وأما حكاية هدبة الأسدي عنه أنه يقول الحارث بن شريح الذي كان خرج في آخر دولة بني أمية في كتاب الله، فان صح فلا يريد انه مذكور باسمه بل إنه سمع من الباقر ان في بعض الآيات إشارة اليه، وذلك ليس بمستنكر ولا مستبعد والله أعلم.
مشايخه في ميزان الاعتدال: له عن أبي الطفيل والشعبي وخلق. وفي تهذيب التهذيب روى عن أبي الطفيل وأبي الضحى وعكرمة وعطاء وطاوس وخيثمة والمغيرة بن سبيل وجماعة.
تلاميذه في ميزان الاعتدال: عنه شعبة وأبو عوانة عدة، وفي تهذيب التهذيب: عنه شعبة والثوري وإسرائيل والحسن بن صالح بن حي وشريك ومسعر ومعمر وأبو عوانة وغيرهم اه. ويأتي في التمييز رواية جماعة عنه.
التمييز في مشتركات الطريحي والكاظمي: باب جابر المشترك بين جماعة لاحظ لهم في التوثيق عدى جابر بن يزيد الجعفي. قال الكاظمي: ولا يخفى ما فيه ومر وجهه في جابر بن عبد الله. قال: ويمكن استعلام أنه هو برواية عمرو بن شمر عنه ورواية عبد الرحمن بن كثير عنه ورواية أبي جميلة المفضل بن صالح السكوني عنه ورواية عبد الله بن محمد عنه ورواية المنخل بن جميل الأسدي عنه وزاد الكاظمي: وروى عنه يوسف بن يعقوب وإبراهيم بن سليمان اه.
جابر بن يزيد الفارسي يكنى أبا القاسم ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب العسكري عليه السلام. وفي لسان الميزان: جابر بن يزيد الفارسي ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال: