فأنزلوه من معقل إلى عقل وبدلوه آجالا من آمال فاني ألممت في قولي آجالا من آمال بقول مسلم بن الوليد موف على مهج في يوم ذي رهج * كأنه أجل يسعى إلى امل.
وفي المعقل والعقال بقول أبي تمام - في مدح المعتصم.
فان باشر الاصحار فالبيض والقنا * قراه واحواض المنايا مناهله وان بين حيطانا عليه فإنما * أولئك عقالاته (1) لا معاقله والا فاعلمه بأنك ساخط * ودعه فان الخوف لا شك قاتله بيمن أبي إسحاق طالت يد الهدى * وقامت قناة الدين واشتد كاهله هو البحر من أي النواحي اتيته * فلجته المعروف والجود ساحله تعود بسط الكف حتى لو أنه * ثناها لقبض لم تجبه أنامله ثم قال لي أما تسمع يا قاسم قلت بلى والله يا سيدي قال إنه اخترم وما استمتع بخاطره ولا نزح ركي فكره حتى انقطع رشاء عمره (اه) (اخباره مع أبي الحسن محمد بن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي).
كان محمدا هذا شاعرا أديبا ذكره المرزباني في معجم الشعراء وقال شاعر مشهور أديب كان ينزل قنسرين من أرض الشام بينه وبين أبي تمام الطائي والبحتري مخاطبات (اه) وقد مدحه أبو تمام بقصيدة في ديوانه من جملتها يذكر فيها النياق.
نرمي بأشباحنا إلى ملك * نأخذ من ماله ومن أدبه نجم بني صالح وهم أنجم العالم * من عجمه ومن عربه رهط النبي الذي تقطع أسباب * البرايا غدا سوى سببه مهذب قدت النبوة والاسلام * قد الشراك من نسبه من ذا كعباسه إذا اصطكت الأحساب * أم من كعبد مطلبه مشمر ما يكل في طلب العلياء * والحاسدون في طلبه أعلاهم دونه وأسبقهم * إلى الندى واطئ على عقبه يتلو رضاه الغني بأجمعه * وتحذر الحادثات في غضبه ومع مدح أبي تمام لمحمد هذا فقد هجا هو أبا تمام ولم ندر ما سبب ذلك في اخبار أبي تمام للصولي قال محمد بن عبد الملك بن صالح يهجو أبا تمام.
قد جاءني والمقام مختلف * شعر أبي ناقض على بعده فكان كالسهم صاف (2) عن سدد القول * وعن قصده وعن امده اخباره مع مخلد بن بكار الموصلي كان مخلد هذا شاعرا وقد هجا أبا تمام فترفع أبو تمام عن هجائه قال الصولي: حدثني أبو سليمان النابلسي قال قيل لأبي تمام قد هجاك مخلد فلو هجوته قال الهجاء يرفع منه قال أليس هو شاعرا قال لو كان شاعرا ما كان من الموصل يعني ان الموصل لم تخرج شاعرا قال أبو سليمان واصل مخلد من الرحبة ثم أقام بالموصل. حدثني أحمد بن محمد البصري غلام خالد الحذاء الشاعر وروايته حدثني الخليع الشاعر القرشي قال كان أول شعر هجا به مخلد أبا تمام قوله.
أنت عندي عربي * الأصل ما فيك كلام عربي عربي * أجائي ما ترام شعر فخذيك وساقيك * خزامى وثمام وضلوع الشلو من صدرك * نبع وبشام وقذى عينيك صمغ * ونواصيك ثغام لو تحركت كذا * لانجفلت منك نعام وظباء مخصبات * ويرابيع عظام أنا ما ذنبي إن * خالفني فيك الأنام واتت منك سجايا * نبطيات لئام وقفا يحلف ان ما * عرقت فيك الكرام ثم قالوا جاسمي * من بني الأنباط خام كذبوا ما أنت الا * عربي ما تضام بيته ما بين سلمى * وحواليه سلام وله من ارث آباء * قسي وسهام ونخيل باسقات * قد دنا منها صرام أنت عندي عربي * عربي والسلام قال وأنشدني أبو جعفر مولى آل سليمان بن علي لمخلد في أبي تمام.
ويلك من دلاك في نسبة * قلبك منها الدهر مذعور لو ذكرت طاء على فرسخ * اظلم في ناظرك النور قال وأنشدني أبو سليمان الضرير لمخلد في أبي تمام.
وذكر أرجوزة طويلة اخترنا منها هذين البيتين:
هيجت مني شاعرا ازبا * يدير في فيه حساما عضبا مهندا مداحة مسبا * يلحب اعراض اللئام لحبا قال وكان أبو تمام لا يجيب هاجيا له لأنه كان لا يراه نظيرا ولا يشتغل به. حدثني أبو العشائر الأزدي الشاعر حدثني أبي قال قلت لأبي تمام ويحك قد فضحنا هذا الشاعر الموصلي بهجائه فأجبه قال إن جوابي يرفع منه واستدر به سبه وإذا أمسكت عنه سكنت شقشقته وما في فضل مع هذا عن مدح من اجتديه. وفي العمدة لابن رشيق: أبو تمام هجاه دعبل وغيره من الأكفاء فجاوبهم وابتدأ بعضهم ولم يلتفت إلى مخلد بن بكار الموصلي حين قال فيه وكانت في حبيب حبسة شديدة إذا تكلم - (يا نبي الله في الشعر) البيتان المتقدمان وقال فيه أشعارا كثيرة بل رآه دون المهاجاة والجواب ولو هجاه لشرف حاله وانتبه ذكره اه لكن مر هناك أن البيتين لابن المعذل أو أبي العميثل والأولى أن يكونا لأبي العميثل فإن أولهما من أعظم المدح بجعله نبيا في الشعر كعيسى بن مريم وثانيهما يرجع إلى أن في لسانه حبسة وهي ليست مما يرجع إلى نقص في الفضيلة ومخلد عدوه الذي هجاه بأقبح الهجو وكذلك ابن المعذل لم يكونا ليقولا فيه هذا الشعر.
اخباره مع غلامه صالح كان صالح هذا هو المنشد لشعر أبي تمام على ما حكاه الصولي. في أخبار أبي تمام للصولي. حدثنا ميمون بن هارون: حدثني صالح عن أبي تمام قال غضب علي أبو تمام فكتبت اليه بهذا الشعر وهو أول شعر قلته قط:
إذا عاقبتي في كل ذنب * فما فضل الكريم على اللئيم