الأقوال ظاهر بين، فصاحب الاستيعاب جعل اليمان لقبا لحسل ولجروة معا وقال: ان الذي أصاب دما هو جروة لا حسل، وان سبب تلقيب جروة باليمان محالفته بني عبد الأشهل وهم من اليمن وسبب تلقيب حسل باليمان كونه من أولاد جروة. ويبعده انه كيف لقب باليمان حسل وحده ولم يلقب به باقي أولاد جروة وصاحب أسد الغابة جعل اليمان لقبا لحسل وجعل تلقيب جروة به حكاية عن ابن الكلبي، وابن حجر في الإصابة وتهذيب التهذيب: قال: ان الذي أصاب دما فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل فسمي اليمان هو حسيل أبو حذيفة لا جده جروة.
والحاكم - ان لم يكن في عبارته سقط كما مر - يلوح من كلامه ان الذي يلقب باليمان هو جروة فقط لا حسل وأن حذيفة يقال له ابن اليمان لأنه من أولاد جروة، وصاحب الشذرات كلامه كالصريح في ذلك. ولا يبعد ان يكون هذا الأخير هو الصواب وأن تكون نسبة حذيفة إلى اليمان نسبة إلى جده لا إلى أبيه، فحيث أن في أجداده من له نسبة غريبة وهي اليمان قيل حذيفة بن اليمان ونسب حذيفة إلى اليمان دون باقي آبائه لتكرر ذكره وذكر أحواله فاحتيج إلى تمييزه بلقب لأحد أجداده مشهور، أما أن أباه حسل يلقب باليمان فتوهم نشا من قولهم حذيفة بن اليمان فتوهم أن اليمان لقب أبيه حسل وكذلك كون أبيه حسل أصاب دما في الجاهلية فهرب إلى المدينة نشا من ذلك، والا فالذي جرى له هذا هو جده جروة لا أبوه حسل نعم كون أبيه حسل تزوج بالمدينة من بني عبد الأشهل فولد له منها حذيفة هو صواب والله أعلم.
كنيته اتفق الكل على أنه يكنى أبا عبد الله وروى الحاكم في المستدرك بسنده إلى ربعي بن خراش قال: جاء رجل إلى حذيفة فقال: يا أبا عبد الله.
أبوه يسمى أبوه حسل بحاء مهملة مكسورة وسين مهملة ساكنة أو حسيل مصغرا ويلقب باليمان، كما مر. وفي رجال بحر العلوم: شهد حذيفة أحدا هو وأبوه حسل أو حسيل بن جابر بن اليمان، وقتل أبوه يومئذ المسلمون خطا يحسبونه العدو وحذيفة يصيح بهم فلم يفقهوا قوله حتى قتل فلما رأى حذيفة أن أباه قد قتل استغفر للمسلمين فقال: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فزاده خيرا اه. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عروة قال قتل أبوه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد أخطأ المسلمون به يومئذ فحسبوه من المشركين فطفق حذيفة يقول:
أبي أبي فلم يفهموه حتى قتلوه فامر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فودي. وفي تاريخ دمشق: قال البرقي قتل أبوه يوم أحد قتله المسلمون ولم يعرفوه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين. وقال عروة بن الزبير: ان حذيفة وأباه لما كانا في غزوة أحد أخطأ المسلمون فجعل حذيفة يقول: انه أبي انه أبي فلم يفقهوا قوله حتى قتلوه، فقال حذيفة عند ذلك: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فزادت تلك الكلمة خيرا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخرج ديته. وفي الأغاني عن محمد بن إسحاق باسناده انه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أحد رفع حسيل بن جابر وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش بن زعورا في الأطام مع النساء والصبيان، فقال أحدهما لصاحبه وهما شيخان كبيران: لا أبا لك ما تنتظر؟ فوالله ان بقي لواحد منا من عمره الا ظم ء حمار، انما نحن هامة اليوم أو غد! أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعل الله يرزقنا شهادة معه، فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يعلم أحد بهما. فاما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر اليمان فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولم يعرفوه فقال: حذيفة أبي، قالوا: والله ان عرفناه وصدقوا، قال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزادته عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيرا.
أمه في الاستيعاب أمه امرأة من الأنصار من الأوس من بني عبد الأشهل اسمها الرباب بنت كعب بن عدي بن عبد الأشهل ونحوه في الطبقات وتاريخ بغداد.
أولاده كان له من الأولاد سعد أو سعيد وصفوان، وسيأتي عند ذكر خطبته وبيعته عليا عليه السلام، ان المسعودي حكى عنه أنه قال لابنيه صفوان وسعيد: احملاني وكونا مع علي عليه السلام فسيكون له حروب كثيرة فيهلك فيها خلق من الناس فاجتهدا ان تستشهدا معه فإنه والله على الحق ومن خالفه على الباطل، واستشهد ولداه صفوان وسعد مع علي عليه السلام بصفين. وقال المسعودي في أخبار صفين بعدما ذكر شهادة هاشم المرقال: واستشهد في ذلك اليوم صفوان وسعد ابنا حذيفة بن اليمان، وفي الاستيعاب: قتل صفوان وسعيد ابنا حذيفة بصفين، وكانا قد بايعا عليا بوصية أبيهما بذلك إياهما. وفي رجال بحر العلوم: أوصى حذيفة ابنيه سعيدا وصفوان بلزوم أمير المؤمنين عليه السلام واتباعه، فكانا معه بصفين وقتلا بين يديه رضي الله عنهما وعن أبيهما. ولكن المسعودي نفسه ذكر في أخبار التوابين: انه اتاهم مددا سعد بن حذيفة في أهل المدائن، وكذلك ابن الأثير ذكر في أخبار التوابين انه جاءهم من أخبر بمسير سعد بن حذيفة في 170 من المدائن لانجادهم. وهذا يدل على أن سعدا لم يقتل بصفين وبقي بعدها زمانا طويلا، ويمكن أن يكون له من الأولاد سعد وسعيد أحدهما قتل مع صفوان بصفين والثاني بقي إلى أيام التوابين والله أعلم.
صفته في مسند أحمد بسنده عن خالد بن خالد اليشكري قال: قدمت الكوفة فدخلت المسجد فإذا أنا بحلقة فيها رجل صدع من الرجال حسن الثغر. الصدع: كجبل المتوسط في خلقه لا صغير ولا كبير، قاله الزمخشري في الفائق في تفسير الحديث.
مؤاخاته في ذيل المذيل للطبري: ذكر ابن عمر عن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخى بين عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان اه. وفي السيرة الحلبية ان ذلك كان بعد الهجرة.
أقوال العلماء فيه ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال: حذيفة بن